dimanche 16 décembre 2012

"البٌسْتَانُ الجَميلُ لاَ يَخْلو مِنَ الأَفَاعِي "









"البٌسْتَانُ الجَميلُ لاَ يَخْلو مِنَ الأَفَاعِي "

(عطفا على سؤال صحافي جزائري )


سليم دولة  (الكاتِب الحُر )



تحية تليق بقامتكم شعبا ونشيدا وطنيا وذاكرة نضالية مشتركة . تحية:للشعب  الشقيق ...تحية  تليق بمقامه ضمن قائمة الشعوب الزكية الاستنثنائية  الأبية التى اجْتَرحَت ْحُريَتَهَا  أقصد زَهْرَة َاستقلالها وتحررها   بأزكى ما لديها : دماء الشهيدات والشهداء .وأهلا بكم فى تونس المُمَانعة ...تونس الثورة الحالمة ...وأوجاع الجيب والقلب أيضا . أوجاع  القلب سببها الرئيس انتظارات طويلة ليتَمَلَك التونسي والتونسية المقدرة على القول "أنا " دون أن يُحس بتشقق عميق في أعماق ذاته ..فيلعن "صدفة الميلاد " وفق عبارة جون لوك التي جعلت منه تونسيا ..ويشتم فاصلة التاريخ التي جعلته يعيش عند "هذا الزمن الكلب "... وان كان "الانسان التونسيي " homo_tunisianicus يعرف عن ظهر عقل وقلب :" رسالة فضل الكلاب على الكثير ممن لبس الثياب " وهذا مديح للذات eloge de soi .لا  يعود الى نرجسية نرسيس الماء  le narcisse aquatiqueولا الى ما كنتُ قد أطلقت عليه في سياق آخر نرجسية نرسيس الصحراء  le narcisse du désert  أو الى فائض تقديري وهمي للذات كما لدي أحفاد  الشاعر أرتير رمبو والفيلسوف جون جاك روسو حين يرددون اثناء حديثهم عن " الثورة التونسية " مستحضرين " الثورة الفرنسية « معتبرين اياها وحرفيا "الثورة الام " la révolution mère أو " أم الثورات "  la mère des révolutionsفي العالم . أن للشعب التونسي أن " يمدح نفسه " .اذ خيَب الشباب التونسي والشابات التونسيات آمال  المُعَولينَ لسنوات طوال على  " تمييعه " وجبنه " ويأسه " و"غيبوبة وعيه " واستلاب وجوده " . آن للشعب التونسي أن يفخر  بما ورد في الكتب القديمة  في شأنه كما يورد صاحب كتاب "الروض المِعطار " : " اذا أراد الله أن يقصم ظهر أحد الجبارين أرسله الى تونس " . وآن لي الآن أن أجيبكم عن سؤال
بطريقة " لا منهجية ": تراوح بين التكثيف والاسترسال .السؤال انما هو: هل حررت الثورة  التونسيين من خَنْق الكلمة تحريرا كاملا ؟

اجابتي أن الثورة التونسية لم تحرر التونسيين تحريرا كاملا على مستوى "حرية التعبير" مثلا   ذلك أنه سرعان ما عادت الرقابة السلطوية نشيطة ناشطة اذ كثيرا ما تُحذف تعليقاتي شخصيا من على صفحتي الشخصية في " الفايسبوك "  ..كما يتم التلاعب بقائمة الأصدقاء والصديقات ..ومع ذلك يعنيني التشديد على أنه توجد الرقابة الذاتية لدي الكثير من "الكتاب " الذين يضطرون لتَبْكيتِ أصواتهم خوفا من سطوة  سلطة المستبدين والصحافين   يمارسون كل ضروب االتزييف والتزلف والتصحيف اما لانتهازية مزمنة أولأ أو لأرضاء " على بابا التونسي " ومشتقاته  "و"المواطنين" أيضا الذين أجبروا بصيغ مختلفة على " الخوف من الحرية " ...لسنوات طوال .اما في ما يعنيني شخصيا فان الثورة التونسية لم تحررني اطلاقا  بل   بل أنا من الذي حرض  على الثورة دون ادعاء مزيف ودون تواضع سخيف اذ كنت دائما أكتب بحرية  وأتحدي كل مثقفي تونس أنه يوجد  دفع ثمن من جسده ثمن تلك الفسحة من الحرية .ان الثورة حررت " المترددين " و" الجبناء "  وحتى الانتهازين الجدد ومن لم يكونوا قادرين على  ربح الخسارات . أنا فلقد ربحت كل خساراتي اما " جلادي " فقد خسر كل ما توهم أنه ربح " كما كنت دائما أردد .مع ذلك يعنني أن أشدد على أن :
التونسيون والتونسيات _وليسوا جميعا_هم الذين حرروا  وحررن معني الثورة فدشنوا مشاريع التحرر  في الراهن الحضاري  اذْ سرًعُوا  التاريخ المحلى لجغرافيا المتوسط الجنوبي ..
الثور  فكرة .قيمة . حالة وضع .رغبة . فاعلية  تحرر liberation  حدث جدي حاسم وصارم .مشروع منفتح على الممكن اذ هي سليلة  التوعكات والأزمات( les crises )وبنت الانقطاعات( les ruptures) التي غالبا ما تكون قاسية ومُوجِعَةُ ومُرْبِكَةُ لسائر العقود الاجتماعية القديمة  . امتلاء الى حد التصدَع برغبة التغير le changement))..تغيير " الذات " الفردية  و الجماعية  . مراجعة  نقدية  لا تخلو من الفيض الانفعالي لتثوير ولتغير."الواقع"والذي هو متواليات من الطيات ...من المنعطفات والصراعات الماكروعنفية  والميكروعنفية ...الواقع متواليات  من الوقائع المُعَقَدة والمُركَبَة والمُتَقاَطِة   في اتجاه ما يمكن تسميته : تَحْييِن المَحْلُوم بِهِ ...ذلك المرغوب فيه .. الذي لم يجد سبيلا سالكة للتحقق نتيجة متواليات  القمع والوعي الانضباطي  والسلوك الانضباطي الجارح من قبل الماسكين والماسكات بآليات  ودواليب  تسيير " الشأن العام " .).la chose publique" ) "..و تدبير الأمر العُمومي .الحرية انما هي زهرة الثورة .وبذرتها ..والتي باسم " قدسيتها " وخطورتها وخطريتها    sa dangenerositeأ يضا سالت الكثير من الدماء على مر التاريخ الانساني ولا تزال .الثورة وان كانت "وردة" هشة التكوين  فهي تقترن تلازما "بالعنف" ضد الغفن الاجتماعي والسياسي والجمالى وهي تقترن  بالسلطة والسلطة المضادة ..والقمع والقمع المضاد ..الثورة يا  أحباب الحكمة سلطة  اذ تسمى سلطة ضمن ما تُسمى  القدرة على التأثيروالتأثير المضاد : المال سلطة . من يعوزه المال تعوزه المقدرة . الجاه سلطة اذ لا وجه لمن لا وجاهة له . الباه سلطة اذ لامكان لمن لا باع له فيه ..الجمال سلطة اذ نقول جمال باهر ..جمال أخاذ ..جمال فائق ..جمال ساحر جمال مفلق .جمال سبحاني ..تماما كما أن اللغة سلطة ..بل هي سلطة السلط وليس صدفة أن يتبادل " اللسان والحسام (السيف( المواقع في اللغة العربية تماما كما هي عليه المادة الاساسية  للكلام ( ك.ل.م ( اذ تحيل الكلمة  الى الجرح  والملكية  والنزال  بمعنى  الحرب والمنازلة  و  " العصيان المدني"  "الملاكمة "   والسياسة  تعريفا وماهية  انما هي  " ظاهرة " لغوية  لسانية " تماما كما " التمرد " و" التشهير والاشهار " و" الوعد والوعيد " و"مراقبة الفضاء كما " المقهي " كان دائما مجالا " للمراقبة والمعاقبة ".
أن نتحدّث عن "الثورة  التونسية "  من أفق نظري تقليدي فهذا من باب الاستفاظة اللغوية اذ أنّي أشك بعد مرور ستة أشهر على مرورالحدث التونسي الرائع في اندفاعاته أنه  حدثت ثورة أصلا وفقا للدلالة التقليدية
لكلمة "ثورة ".يوصينا الحذر المنهجي بألا نخلط بين منطق الرغبة الذي يعود الى مجال المحلوم به و بين منطق الواقع المَعِيش بكل ثقله و لئلا نكون تبسيطين علينا رأسا استنطاق الكلمات .. لنخرج بها من الاستعمال العفوي الى الاستعمال التقني  النقدي . هذه الملاحظة  الميتودولوجية المنهجية تُشَرِعُ لنا الستنطاق معني " الثوة " حتي نستطيع تقديم  اجابة ممكنة عن سوال " التحرر الكامل للكلمة  لدى الشعب من كل ضروب الاخنتاق " فما الثورة .مرة أخرى وما المقصود " بالتحرير الكامل للكلمة " كما ورد الامر في السؤال المطروح ؟
ان التعريفات الاولية للثورة على أقل تقدير وفقا للمرجعبة اللغوية الفرنسية والعربية ,,تحيلنا الى " فعل الحركة " أو " الدوران " مما يعني أن السكون انما هو النقيض الموضوعي لمعني " الثورة وكل مايحيل على " الغليان " بالمعني الفيزيائي للكلمة .والعصيان بالمعني الاجتماعي .فاذا كانت " ثورة الاجرام السماوية " تحيل على الحركة الدائرية  في المجال الكسمولوجي فانها _ الثورة _ في المجال السياسي الاجتماعي الانطربولوجي تعني رأسا الكسر الجدري والعميق " لدوائر الاختناق "  ضد كل ابداع وتجديد و" تشبيب " للحياة ,,وشروط امكان الحياة , وبلغة أخري بامكاننا أن نسمي ثورة على أقل تقدير وفقا للميراث السائد للكلمة :التغير الجدري الراديكالى لجميع البُنَي القديمة واستبدالها بِبُنَى جديدة قادرة على الاستجابة الحاذقة للمحلوم به من قبل الأغلبية الشعبية .وبناءا عليه . فان سؤال الثورة انما هو سؤال مٌلغم . يدعو الى الحيرة المعرفية . الى الاندهاش . اذ ثمة مفارقة  .. في الافق الحضاري الراهن ..اذ منذ سنوات كان الحديث غن " الثورة " بالمعني السياسي ضربا من الاوهام .لقد اغلقت " البروبقدنا " اللبيرالية وطواحين الاعلام المعولم " التاريخ " لتبرر الاستحواذ على الجعرافيا مرة واحدة والى الابد . كما فعل " حكيم البانتقون اللقيط فوكوياما.في كتابه الشهير :  " نهاية التاريخ .."  تاريخ العالم بصراعاته وتصدعاته و"مكره " قد انتهي لصالح  الليبيرالية  الفتَاكة ..تلك  التي  لا  تمجد الا " اللقاطة الحضارية "الماجنة  والهجين الماجن .._ وليست " تلك الهُجنة الخَلاًقة  " وفق معجم  من كنتُ قد أطلقت عليه " المفكر الأركسترالي ايدوار سعيد".  الهجين الماجن انما هوالذي" لا تعزب عنه مثقال  فكرة جديدة .. ولا تغيب عنه حركة شريدة فتجده يُجَدْرِمُ ويُبَوْلِسُ كل الفضاءات العمومية الجامعات والجوامع المكتبات والحانات .الحواري والاحواش والحوم ..حومة حومة والديار دارا  دارا والجبانات جبًانة جبانة و"البرديلات "بوردالا  بوردالا . يكاد براقب حتي الدورات القمرية لنساء شعبه .. ذلك الذي ينصب نفسة حاكما باسم " شعبه " بينما _ وبقليل من التفكيك المنهجي _ نتبين أنه محكوم فيه وبالتحديد مُتَحَكًم به في رقاب شعبه .السياسى الهجين الماجن انما هو ذلك " المُسْتَبِدً الكَيِس" الذي يرفع شعار الحرية ..مطلق الحرية ليطلق يده هو ويُسرِح  هو كامل أنامله هو وعملائه في أرزاق شعبيه ورقاب شعبه  مضيفا عبارة " في اطار ما يسمح به القانون " . ذلك القانون الذي أول من ينتهكه هو عينه ايَاه وأعضاء حكومته ..عندها ندرك مدى صدق باكونين حين يعتبر أن " الدولة ...انما هي جبانة الحريات " .الحاكم المستبد .الدولة المستبدة انما " هي المطلق بينما المحدود والنسبي هم الأفراد ...الشعب " كما كان يردد زعيم الفاشية بينيتو موسيليني .لو نذهب في تقصى علاقة الحرية بالفضاء العمومي ... وأنماط الرقابة والوعي الانضباطي الديسيبليناري  disciplinaireسَنَتَبَيَنُ للتَوِ مَدى تلازم المعمار وهندسة المدن وتقسيم الفضاءات الكبرى والأقل كبرا  والصغرى  والأقل صغرا  بالهاجس الأمني و التحكم في جميع فسح الحياة ...و حتى تدابير الممات .تقول الحكمة الحذرة " البستان الجميل لا يخلو من الأفاعي "..انه وان كان للأفاعي كما للأعشاب البرِية فوائدها الطبية الجمة فمن الواجب الطبي  الحذر الصِحي منها .

سليم دولة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث