dimanche 6 mai 2012

اُلْمُتَعَلَقُ اُللٌغَـوِي وَاُلْــمَحْـلُومِ بِـهِ " مِسْعَـديًا " تَهَجـــي أوْجَاع الكِتَابَةُ "القُصْوَوِيـةُ "





اُلْمُتَعَلَقُ اُللٌغَـوِي وَاُلْــمَحْـلُومِ  بِـهِ " مِسْعَـديًا "تَهَجـــي أوْجَاع الكِتَابَةُ  "القُصْوَوِيـةُ " في  شأن كائن الذاكرة والنسيان ... مقاربة شذرية ... )
IIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIII 
سليم دولة   ( الكاتب الحر)

1

شَذَراتٌ مِنْ اُلْمَتْــنِ اُلْبَاهِـي
1" لا تستطيع أمة أن تضمن لنفسها حياة وعزة وحرمة إلا بالحِرْصِ عَلَى تَقْويًةِ    مَعْنَويَاتِهَا .."
(المباحث 1945_ عن " تأصيل كيان"  ص 146     )

2

" لولا السؤال والسائل لبقي الكون قفْرًا و اُلْـوُجودُ عَبَثًــا " (يوم اُلْصمْتِ والغُصَة _تأصيل لكيان . ص 205 )
                                     3
"لا تزال البشرية تَتَرَاوَحُ مُــنْذُ   القُــرون بين عَواصِف المَادة والأهْواء وسـكينةِ الرُوح المُتَساميَة عن عفـن مُستَنْقَـعَاتِ  اُلْـحَياة _ بين الحَرب والسُكُونِ  والسَلام .ولا تزال بَعْـد عثْرةِ  كلّ حـرب تقوم فتنهض من جديد ..فتعاود السير والتقدم في سبيل تاريخها    فكأن الحروب بما يعقُبها من رُقي _ أو على الأقل من سَعْى مُسْتَأْنَفٌ  الى الرُقي _ بمثابة المَحْتُوم من عَـــــذ اب المَخَاضِ وَالوَضْع "                                             
 "(المباحث أوت 1945تأصيل كيان ص134
" دور الثقافة في إقامة  نظام عالمي جديد" )                               3                                                

" الزمان قتال ."( اللغات لا تحيا الابالحَضَارة ) ( المباحث 1946 كتاب التأصيل ص160)
4
حدثت دانية قالت " ما سمعت من عمران أصدق كلمة قط .كان يقول : تعلمي قصة شيخوخة الحياة .إني كنت وأنا صبي يقْتُل الحشَرةَ غيْري فأوجَع (...)  ثم صرتُ أقتلها أو تُقتَل بين يدي ولا أشْعر ...ويقول   تَرين  كَيْـــف  يُــفْـرَشُ للمَـــــــــــــــوت"
( يوم القحط _11 ماي _ 1958    )

5
"قالت ظلمة:
وكنت أختلى به كل ليلة في محراب أعلِمُـه الإخلاصَ وأعلمه الأدعيةَ .فأنا به أولَ ليلةٍ اذ أقبْل علي ًوأخذ بيدي وقال :هل بلغت  من الصلاح ما تحملين معه فتلدين ولا فحل ؟ فنفضتُ يَدَهُ واقْشَعَـــرَ دَمِـــي. قال : إن لم يكن فالصلوات أقل من الخمر جدوى .كيف تتخلصون من الأجساد والأرواح ؟ قلت : نمزقها تمزيقا حتى ننسى الألم ."(حديث الغيبة تطلب فلا تدرك    أوهريرة )
6
" ألا قل ويل للذين يموتون ثم لا يبعثون قال أبو المدائن :وكان ذاك في أخر أيام حياته " (حديث الجمود )

  •  

 إن "الكتابة" بما هي كتابة  رسم أثر.. فعل يتعدى لحظة تَشَكُلِه وتَكَونـه .الكتابة  فعلٌ باللغة وفي اللغة ..ومن خلال اللغة .. فاعلية الكتابة بماهي سلطة  كما كل سلطة مقدرة  على  التأثيرتتم من خلال الثقافة ( مُطلق الثقافة ) فالذوات الكاتبة ذاتها  هي بالأساس ذوات" مبنية " بناء ثقافيا- رمزيا   وفق التمثل الأنطروبولوجي ..للإرث الإجتماعي  المادي والرمزي الذي يبرر به الإنسان وجوده ويعطي لحياته معناها لئلا يَنْضَبَ مَعِينها . والا كان العدم والإنتحار سليل فقدان معني الحياة  .( معنى أن نحب أن نكره . أن نحزن أن نطرب . أن نخون أن نخلص . أن نُمْحى فنُنْسَي  أن نثبب فنبقى  . أن نجمد أن نرقص ...)  الكتابة "الجمالية " كما شأن كل شؤون  الثقافة ذلك  الذي يتخطى به  الإنسان مطلق الإنسان "الشروط الحيوانية" للبقاء أو حتى الفناء . الكتابة " الجمالية " انما هي_ فعلا _ جينيالوجيّا  نسابيّا  سليلة "النشاط "  الحُروفي الذي  من شأنه أن يـــسْمح لكائن "الرسم"  و"الوسم "و"الوشم" أن يتخطى متجاوزا كثافة الوجود بما هو وجود .ويبدو لى أن كل آداء كتابي لدي" صاحب أثر  مفتوح أو مغلق " و"مجترج متن متين أو هش " الا وهو يصدر عن رؤية واعية أو لا واعية  لما يمكن أن تكون عليه حقيقة " الحيوان الرامز " والذي هو  _الإنسان المسقام _ أكثر الكائنات هشاشة وعجْرفَــةً  و" قلة حياء  معرفي" و" قلة حياءأخلاقي و" قلة حياء وجودي "  وقد تكون" قلة الحياء " هذه عنوان "كرامته الوجودية والأنطولوجية  المُجترحَة  بمشقة شائقة أحيانا  ... مُجْترحة بِجميع جوارحه  اذ " أن ارتكاب الشر بمطلق معانيه   " يعني ضمن ما يعنيه أن الإنسان " كائن حر " على راي صاحب كتاب " كم جرعة من الحقيقة بامكان الفلاسفة أن يتحملوا " ( رودينجار )  تماما كما هو قادر مقتدر على "الخير بمطلق معانيه . وما يعنيني رأسا الآن وهنا التساؤل عن مقام المتُعلّق اللغوي والمحلوم به    مِسعديا ( نسبة  الى الأديب التونسي  محمود المسعدي) .

                                                         فما الذي أعنيه بالمتعلق اللغوي ؟ وما الذي أعنيه بالمحلوم به ؟
                                                                                                     وهل من مبرر لطرح مثل هذه الأسئلة ؟
                                                                                                                                                  الراهنية ؟

سوف أجازف بأطروحة قد "خرجت " بها بعد " تمثّل قرائي " لمتن " كبير أدباء تونس : محمود المسعدي .  خرجتُ بِهَا دُونَ رِجْعــةٍ وان كانت قابلة  _ هذه الأطروحة _ للمراجعة  من أكثر من أفق نظري   وتمثُل قِرائي وكتاَبي " لأنك أن أنت أتْمَــمْــتَ الفِعْل  قتلته "كما يقول صاحب" مولد النسيان "   . وأنا أريد " استئناف الفعل القرائي "  بعيدا  عن " ذهنية شرلوك هولمز " التي يستحضرها الكبير تودوروف في سياق آخر وان كان لها  مسِيسُ علاقة بما يعنيني  .                      فما هي هذه الأطروحة ؟

المسعدي  كيميائي لغة  وجَوّاب أوجاع الكائن الإنسي  .مما يعني :
1
أنه دون استحضار لا وعيه اللساني اللغوي الشاسع بأشكال كنوزه واكتنازه  لا ندرك المدى الجذري للأداء الكتابي وتجذّره القُصْوي لديه .
2
 مدار المكتوب المسعدي : الإنسان : كائن المفارقات الهشة والناعمة

3
التراجيدي _ الكوميدي :مكون الأنطلوجي  _ الوجودي للهوية الإنسية :
"الكفران" و"الايمان" والتأمل في مقام الإنسان والنسيان:
" ...لو سألتك يا غيلان أنظَّل يوما بالكهف وأن تنزع الثياب وأدع الثياب وأن نقضي معا يوما عاريا خالصا طاهرا لا يفصل بيننا كلام ولا حركة ولاثوب وأن تحبّني ولا تكلمني وأحبك ولا أقبلك وتمسني ولا تختص بلذة وألبسك فلا أمتاز عنك بإحساس..لو سألتك لقلتَ أنت مجنونة .ويكون حياؤك أقبح من كل فحش.وتكون كجميع الناس يستحيُون أن يتعرّوْا ويشتملون بأكثف الثياب .وما رأيت إلا طهارة الحيوان والوحوش والأرض والنور والقطة   تقع للقط والناقة للفحل والأرض للنار ولا تستحي ولا تختفي ولا تتنكر"
 هكذا تقول " الحكيمة الايكولوجية " ميمونة " الغيلانية  استحضارا   للحيوانية"  الطهرية   زمن بدء البدء:  ما قبل  القطع  الفصلى العنفي البروكيستي بين اللطيف والكثيف بين الليلي والنهاري بين الفجري والغسقي بين النزولي والعٌروجي بين  جهر طبقات الأرض وتصفح كتب السماء ..بين الغيلاني فينا والميموني لدينا  بين " الروح والجسد " " ضد الذين " يَــدُسٌــون الرأس في تراب السماء " وفق عبارة صاحب " زرادشت " كأنما هي تدعو فعلا الى ولادة " رأس ارضية " تعطي للحياة معنى مشتقا من مَعِين ومعاناة  الحياة ." لقد أعدنا الإنسان   ثانية الى الحيوانية " بجسد راقص ضد ذلك " الشِّلو اليابس" المحلوم به"زهديا وتقشفيا  . انها دعوة الى ما يسمى اليوم " العقد الطبيعي " ...

  الكتابة . .كتابة الحميمي " القصووية " انما هي :
الدهشة المستعادة  مسعديا  .كتابة جوابة أوجاع  رغم تقشفها اللغوي.لأدراك " الكوجيطو" الكاتب ان اللغة  " ماكرة"  وأنها متعدية اذ تفتح عجائبيا على قطبي تجاذب  في التضاد  والتكامل ممكن :  اللغو والملاغاة ..اللغو وليد انكسار و ترهّل في "أولى المؤسّسات الاجتماعيّة على الإطلاق " في حين أنّ الملاغاة كما المناغاة استدعاء فرحي للانخراط في العقد الاجتماعي. و يبقى الأدب الجدير بالإنتساب إلى أرقى أشكال الكيمياء اللغوية و بأكثر دقّة "السّيمياء اللسانية" ليس ذلك الذي يقول بوضوح التشخيص الطبّي أو التقرير الانظباطي البوليسي و إنّما هو ذلك الذي يقع في حدّ فاصل بين اللغة واللغو والملاغاة تماما كما فعل الكتابة ذاته في الأداء الكتابي المسعدي و كما بدا  لي في وعيه الكتابي ذلك أنّ الكتابة تفتح من حيث الإرث اللساني على واقعــيّة المَحْو و فاعليّة الاثبات : الحُضُوربمعناه الأنطولوجي والوجودي ضدّ النّسيان  المرضي التَسمية الأخْرى للامِّحاء والزّوال العدمي. كأنّما الكتابة بهذا المعنى إثبات فنّي ضدّ الموت العدمي. هل من سبيل الصّدفة الخالصة أن يجترح اللسان العربي من المادّة اللسانية الواحدة و بتلاعب بسيط بمواقعيّة الأحرف" كتب " كلّ من الكتابة والكبت والتبكيت و هل فعَل المسعدي غير استنطاق مواقع لما يمكن أن تقوله اللغة و لما يمكن أن تسكت عنه أو تهمس به فلا تقدر غير الأذن الاستثنائيّة التّنصت اليه. إنّها كتابة المراوحة إذن في الشّان الإنسي. و متعلَّق الاستعمال الأدبي للغة مسعديّا يكمن في محاولة تهجّي جمالي لما يمكن أن تكون عليه حقيقة: هذه" القصبة المفكرة" إذا أردنا أن نتكلّم مثل باسكال أو"  القصبة الرّاغبة"إذا أردنا أن نتكلّم مثل فرويد أو "القصبة القاتلة" إذا أردنا أن نتكلّم مثل صاحب كتاب "ما وراء الخير    والشرّ".                                                                                 
متعلَّق هذه الكتابة محاولة من المحاولات الاستثنائيّة في الأدب الكوني لتعقّل جمالي ممكن لما عليه فعلا هذا الكائن المدهش دائم التّرحال بين أفقيْ اللطافة والكثافة و يبدو لي أنّ من الكلمات والتّسميات والصّفات التي أرّقت صاحب مولد النسيان إضافة الى كلمة النسيان ذاتها تسمية الانسان بالانسان  و ما يعنينا هو قراءة المسعدي لإختلاف علماء اللغة في أصل التسمية إذ ثمّة من ينسبه الى مؤسّسة النّسيان مع ضرورة التّمييز بين النسيان المرضي المرادف الموضوعي لفقدان الذاكرة و أن يُنسي أحدهم سواه اسمه مثلا يعني أن يقتله رمزيّا و فعليّا إذ ينزل به من مقام الكائن الإنسي الى مقام النّكرة و مقام الزّائل في مقابل النسيان الصحّي والذي يمكن التّنصيص عليه بالشفاء و السلوان تماما أرجع علماء اللغة والرّاسخين في اللسان تسمية الانسان الى "النَّوَسان" الذي يفتح على الحركة الدّؤوب فنستحضر النَّاووس في مقابل الثبات والاستقرار الذي هو خاصيّة الحيوان والتي هي تسمية من تسميات دار القرار "
" الدار الآخرة لهي الحَيَوان لو كانوا يعلمون ) العنكبوت: 64  
كما نسب الانسان الى الإثنيّة صرفيّا هو اعتبار الانسان مثنّى إنس . إنس و إنس انسان و في كل الحالات يبقى فعلا متعلّق الأدب هو محاولة لاستكناه و تمثّل حقيقة ما عليه شقيق الحيوان في حلّه و ترحاله إذ ليس صدفة أن يفتتح حديث الطّين من "حدّث أبو هريرة فال" بشذرة تعود "الى الراهب الجورجاني
": "قلت : و ما أكمل العقل؟" قال : معرفة الانسان بقدرته."
،
" لولا السؤال والسائل لبقي الكون قفْرًا و اُلْـوُجودُ عَبَثًــا " (يوم اُلْصمْتِ والغُصَة _تأصيل كيان 205 )


4
                                               كتابة : استعادة المكبوت  المرح : الجسد الراقص والبدن القرباني : الإصغاء الى الأنثوية المنقذة ضد الفحولة الزائفة .

5
     
شعرية المُمْكِنُ الحُلًمــي ضد استبداد المُغلق والمغلق المُركًب  والمفاخر بانغلاقه:

الأمر الإستيطيقي  الجمالي الكينوني :
" كن أنت كي تكون " : بيان جمالي ضد الإغتراب  البروكيستي   ضد اغتراب الرغبة وضد اغتراب الرهبة  : ذلك هو المحلوم بهم مسعديا : التدرب على الكينونة ضد عنجهيات التملك والالْحاق : أفرادا ومنتظمات حضارية .ومن هنا راهنية " الخطاب الغيلاني " ..تمجيد الانسان ليس كفرانا و انما  تمثل تسبيحي  لما يمكن أن يكون عليه "الإيمان الحق" . تمثل عميق لما يمكن أن يكون عليه الإنسان " "المبتور"  العقل أو العاطفة أو الناقص من الجهتين . وباختصار الانسان مهدور الملكات الذهنية : الفقير الى تربية عاطفية : إرادة وعقلا " الأدب " الجودي"  الذي أسس له" صاحب السد "يدافع عن الحياة  بألق الحبر الحر  لئلا تصير الحياة " ثأرا عقابيا " وليست أثرا " جماليا " في المشترك الكوني جامع شتات الكائنات : في وحدتها الجميلة  كما في اختلافاتها  العذبة .والمعذبة كتلك التي تدعو الى " قتل الأب ". ان الدعوة الى قتل الأب الحبري لتعبير على  إوالية  دفاعية  من قبل  الهؤلاء " الباترسييدين "  وهم دعاة قتل الأب  لاخفاء  عقم  رمزي إزاء الأب ذاته  . ..او لأن صورة الأب بحضورها الرمزي في البيت الجماعي للادب  لم تترك للابناء أفقا بصريا ..من شانه أن يوسع مدى ابصارهم  فيظلَمُ تدريجيا افق بصائرهم ... ولكن ماذا لوكان للاب الأدبي وليس للاب الأوديبي حلما أكثر اتساعية جغرافية من أحلام الأبناء ؟
 يبدو لي _ مرة أخرى أن المحلوم به مسعيديا تربية جديدة لأنسان جديدة جدير بمزاولة الوجود  بكرامة " المقتدر الغارف " ذلك الذي يميز بكل وضوع معرفي وبداغوجي بين " المعرفة " و" العرفان " كما لدي صاحب " كيمياء السعادة " .." وفضائح الباطنية " ( الغزالي ) ." غيلنة الإرادة " ضد ضروب المسكنة والصغار والتصاغر أمام  المعضلات والإحن وامتحانات الحياة ( الفردية والجماعية في المشترك الإنسي ) ...دون وقوع في النسيان . نسيان كان التوحيدي رفيق المسعدي الحبري قد أذانه .نسيان أسس له أصحاب " العقل الصرفي والحسابي الصرف " فذهلوا عن حقيقة " الكائن الذي لا تحتمل خفته وهو أنه كائن " بقلب يخفق وأعين تدمع "وانه لمن المهم أن تصغي بتدبر حكيم لما ورد في " خلاصة تجربة فكرية " وهو مداخلة ثمينة تعود الى 1984 يشخص فيها حكيم المراوحات الآسرة  خطر فقدان الحضارة لوزنها وتوازنها  حين تفقد فعلا بوصلتها وتميد بها المكايل والموازين لواحد من آفاقها :
" وإن هذه المعادة الحيوية الصعبة المنال لهي التي حققتها أمتنا طوال عصور ازدهار ثقافتنا العربية الإسلامية التي صنعها الإنسان المسلم المؤمن برسالته في الكون وبأنه خليفة الله في الأرض وأن سعيه وخلقه والكون كله حوله لا حقيقة ولا قيمة لهما الا بالتحام القيم الروحية والعناصر الحسية المتحولة جوهرا وزمانا ومكانا . افلتحام اللازم لمنح الكيان للكائن ...
ولكن ألا ترى معي أن هذه المعادلة الحيوية الصعبة بين هذين النوعين من القيم التي ذكرت لا يزال تطور الحضارة العصرية يهددها بالإنخرام لا على الصعيدين الإقليمي والجهوي فقط بل على صعيد العالم بأسره بحكم ما يجري تحت أعيننا من انقلاب كل بلدان الدنيا تدريجيا وبسرعة رهيبة الى مجتمعات مصنعة أي الى مجتمعات تهلهل فيها التعبير عن كلية طموحات وتطلعات الذات البشرية (...) واختل فيها التوازن بين القيم الثابتة  والمتبدلة  الروحية والمادية  الباقية والزائلة ولم يبقى قائما فيها طاغيا الا سلطان العقل ةالمنطق مسيطرا على الطبيعة  مستغلا لما اكتشف من قوانين الكون لتكديس المكاسب المادية وتضخيم وسائل القوة واستخدامها لتركيز الهيمنة والطغيان على البشر بل وأبعد من ذلك وسائل التسخير ومواقع التسخير والترويض للفضاء واستعباد الطاقة الكامنة في الذرة ولو أدى ذلك الى فرقعة الكرة الأرضية وإفناء البشرية (...) قد لا تكون بالنسبه اليه روعة " أسطورة  " بروميتي في الأصفاد " وأسطورة " فاوست " وما ترمزان اليه من عتو الإنسان الا شعرا خالصا وجمالا فنيا
 محضا ". كم هو واضح هذا النص . وهذا الطرح وهذه الأطروحة .لقد اضطلع قناص المفاراقات  بمهمة " تشخيص الخاضر الحضاري" بالمعنى الفوكوي _ النيتشوي .وان كان ينفي عنه صفة " الفيلسوف " فهو قد قام بمهمتهم الجليلة : اذ هم " أطباء الحضارة " ..الفعليين .ان موقف المسعدي يدين بأدبه " الهادف " النزعة " البروميثيوسية " العمياء والنزوع " النزوع الفاوستي الأبكم " .يسكنه ربما الحلم الروسوي الحالم بعقد " عاطفي _ تعاطفي مع "الطبيعة الطابعة" و"الطبيعة المطبوعة" وفقا للتصور السبينوزي ..أو تقوده ما يمكن لي تسميته بلاحذر معرفي " رأفة الألفة " مع الآخر الكبير : العالم الطبعي وما بفترضه والآخر الصغير وما بفترضة بالمعني الذي يغدقه جاك ديريدا على معنى الآخر . آن العقل الديكارتي ليطغى حين لا يضغي  الى نبض القلب الروسوي كما أن " "إرادة غيلان "التياهة لتتيه بالإنسان الغيلاني اذا لم يرهف السمع برهافة العاشق للقلب " الميموني .يول الحكيم التونسي عاشق " مارك أوريل "( وهو شأن دال ) يقول مشخصا ومدينا " الإنسان العنفي " في مستنقــعات عفنه رغم قذارة هذه العبارة :"
"الإنسان ارادة وقدرة تحوق بها آفات . تلك مغامرته في الوجود (...) وان من آفات القدرة القوة ..وأفة القوة الغنف .."  ليذهب صاحب " ميارا أبعد :
" إلا أن في القوة والعنف لعمى البصيرة وان في العمى لضياع الكيان وأن واجب الوجود لنور وطمأنينة "  هنيئا للأديب الكبير " بكمياء السعادة " و" برد اليقين " ولي أن اسمع روحه وهي تجوب كتاب الكون صوت أوديب الأسطورة بأويل حاذق لأوديب ابن حورية الشاعر . أوديب المسكون بارادة وخيلاء
 " غيلانية " محببة لا تخفى ..وان كانت تُخفي نرجسية جريحة في شغاف القلب وأنيسان العين الذي بين الأهداب . مع سلام  سلامي لأهل ابن حورية في بوصلة الأرض " المقدسة " ضحية " عمهوت الطغيان الذي  يدينه أدب الكبير التونسي الكوني : محمود المسعدي : أوديب ابن حــورية محمود درويش ...
أوديب ماحاجتك للمعرفة ..؟ .

ما حاجتي للمعرفهْ؟ لم ينجُ منِّي طائرٌ أو ساحرٌ أو إمرأهْ العرش خاتمةُ المطافِ ’ ولا ضفافَ لقُوَّتي ومشيئتي قَدَرٌ . صنعتُ أُلوهتي بيدي ’ وإلهةُ القطيع مُزَيَّفهْ ما حاجتي للمعرفهْ؟

السرُّ في الإنسان, والإنسان سَيِّدُ نفسه وسؤالِهِ لا علم إلاّ ما يراهُ الآن , والماضي دموعٌ مُتْرفهْ ما حاجتي للمعرفهْ؟

أمشي أمامي واثقاً من صولجان خطايَ . ظلِّي أزرقٌ والناسُ أشجاري وللتاريخ أن يأتي بكُلِّ قضاتِهِ وشهودِهِ ليؤرخوا فرحي بمملكتي وأولادي وسُورَ مدينتي وجلالَ أقنعتي وموتَ الأمسِ فيَّ وفي المؤرِّخ . ههنا أحيا . هنا أحيا ’ هنا ما حاجتي للمعرفهْ؟

لا شأن لي بسلالتي كانوا رُعاةً ’ أم ملوكاً ’ أم عبيدْ هذا أنا مَلِكٌ أنا ملك وحيدْ وأُحِبُّ امرأتي وأعبدُها وأَلبسُ عُرْيَها وأشدُّها من كل أطراف الدم الجنسيِّ في دمها وأُطلقُ صرختي بفحيح حيواناتها الصغرى أُريدكِ مَرَّةً أُخرى ’ فلا تتحدثي عن زوجكِ الماضي وعن رجل سوايَ أنا هنا . وأنا هنا وأنا هنا  وهنا أنا... ما حاجتي للمعرفهْ؟

أنا كائنٌ في ما أكونْ وأن أنا ماضيَّ سرُّ لا يُؤرِّقني ، سأكمل ما بدأت من الجوابِ ’ لأكملَهْ لا شأن لي بالأسئلة عمَّا مضى لا شأن لي ’ لا شأنَ لي . وأنا جوابٌ للجوابْ, لا شأن لي في أصل أُمِّي سيَّان ’ إن كانت أميرهْ أو فقيرهْ أنا واحدٌ أحَدٌ مَلكْ ما حاجتي للمعرفهْ؟

لم يسألوني مَرَّةً : من أي صُلْبٍ قد أتيت؟ لم يسألوني : مَنْ أبوك ومَنْ أخوك ؟ ومن قتلتَ وهل قتلتْ؟ لكنهم قالوا : ستثأرٌ للملكْ فسألت : من قتل الملكْ؟ وسألتُ : من قتل الملكْ؟ أنا قاتلُ الملكِ . الملكْ هو والدي المجهول والراحلْ وأنا بريءُ من دَمٍ واقفْ بيني وبين الله . لم أعرفْ بأني القاتل الجاهلْ وهل الجريمة أنني قاتلْ أَمْ أَنَّني عارفْ؟!

أنا زوجُ أُمِّي وابنتي أُختي وتختي , مثل عرشي ’ أوبئهْ يا إمرأهْ يا معرفهْ ما حاجتي لكما , لماذا لم تموتا مثل موت الآلهة مَنْ أطلق الماضي عليّ كإخطبوط حول روحي التائهة مَنْ دسَّ في خمري سموم المعرفهْ ما حاجتي للمعرفهْ؟



 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث