jeudi 30 avril 2015

( كِتابُ دمْـــع اُلْــوَداع )

( كِتابُ دمْـــع اُلْــوَداع )


"أنتَ يا طفْل ابن تِلك   اُلْـفرَس ..." تقول أمّـي ..
وأنا لم أنْدم يوْماً أبَدا أنّ أمِيّ شجَرة 
اسمـها  : "تونس الخَضْراء"
v             
1
الطّفل البَدوي الذي تَقاسَم مَعي فطور هذا الصّباح
به رَغْبة شاهِقة لأن يَبــْــكي طَويلاً   ويَبْكي
 من فرحٍ هوّ كمـا الحُزْن
 غامــضٌ ..   علّه تذكّر مع رشْفة الحليب الأولى أن سُحُب آلام البارحة مرّت   وئيدَة
ولم تُصِب  واحدا ..
من أطيار أحْلامه .. غير أن ريشَة نسر  جريج حطّت في منامه على صدره  ثم طارت...

2
ثـمّة أسْماء يريد القلْب أن يُقشّرها كما حَبّات فُستق
 دِمَشقي ...
أو قفـــصي كما :
 "مائسة" و "حَذام"
و "كليـمنسيا "
و " رُسْتَاق الزّهراء "
و"فاطمة "... لئلا تَغْضَب "فاطمة"
3

من بَابِ رفْع المعْنويّات أوجّه التّحيات الصّباحيّة لكل اُلْأحذيّة المتّجهَة في كلّ الإتـجاهات ..
امّا القلوب فهْي تَعرف أين تشْردُ ..
أو هي غير مَعنيّـة ..
"بمشاريع السلام الــدّائم"   كما حلم بها فيلسوف الألمان
" كانط" العظيم  
4

قَدْ يحدث لقلْب الواحِد من البشر أن يَشْتاق...
مُهرا أحْمر كما يشتاقُ صديقا لـه ..  كان قد عَرفه منذ سَنواتٍ لا تُعــدّ .
(...)
 هذا ما حَدَث مع قـَــلْــبي
 وأنا اسرّح البَصَر من قفصة جهةَ " عمْرة"  أينَ أجْـهَشَت بيَ اُلـْحياةُ  وأصْبَحَتْ أًمـّـي لأوّل مرة في حياتها أمّا
(...)
تَنزل بي ذاكرتي من على صَهْوة اًلحـِصَان الأشْهَب
(...) 
كانتْ أمي تقول لي : " أنت يا طِفْل ابن تِلك الفَرس .. وهي التي شَفَتْك منْ أوجاع  مَرَضِ السُّعال الدّيكي "
 فأقول لها بفرحٍ طُفولي: 
"هذا الـمُهر أخي ... الوحــيد " و أعْدو   معَــه
 ويعْدو مَعي الجميلُ  إلى أمّنا الشّهْباء
  جِـهَة  البِئْــر
5
خَرج الجميعُ من "مَسرح الحياة الجبليّة " سُعداء من حَفْل ليْلة البَارحة...
 وحْدَهُ المغنّي... لم يـَكُنْ سَعيدا لأنّه قُبيْلَ الحفْل شَاهدَ قِطا وسيما كما " اُلْكونْــتيس " قطّي الأرستقراطي الجميل  تَدُوسه سيّارةٌ   فاخرةٌ
(...)
كان الـمُعَنّــي يغنّي
و يَبْكي بِقلْبٍ يَــنْزف لوَقْعَةِ   القِطّ الوَسيمِ
( هذا لم يـمْنَع السيد المغني  من تسْريح النّظر في مؤخرة  واحدة من  المعْجبات السّمْروات الفَاتِنات  _كما الشّاعرة ليلى الزيتوني التونسية _ الوَفيّات لأجْسادِهنّ ...  في كل الحَفَلاَتِ  )  
6
حين ضربتني مُعلّمتي / آنستي فاطمة الجميلة بلاَ سَبَبٍ بمدرسة " أحمد دولة " لم تَبْكِ أناملي ...
وجدْتني الآن _ عند هذا العمر_  أضْحَكُ ...
لأنّي رغْبتُ في عَضّها من مِعْصم يَدها اليُمنى
 و  _ واحتمالا  _من رجلها اليُسرى ...
 ولم أفعل ..
 قد تكون غلبتني ابتسامتها الرائعة . معلّمتي / آنستي فاطمة الجميلة
 ضربتني ربما لأني كنت أُشَاغي عُصْفورا حَطّ على نافذة اُلــْـقِسْم..
معلّمتي / آنستي فاطمة الجميلة  تَوحّشْتُك
7
كـانَ أفلاطون الحكيم ابن أرِسْطون " و"بـريْكِسْيونَا"
_فيما تقول الحكاية _
يَتَندّمُ لأنّ أمّه امرأة ... ولم أنْدم يوْماً أبدا أنّ أمِيّ شجَرة 
اسـمـها  : "تونس  الخَضْراء"
رغـم ما أصابني منْها في الجِذْعِ
(...)
تَذْبل   أنت أيّها   الرّوح 
 وتذْوي   أنت أيها البَدَنُ
  وتَبقَى هيّ خَضْراءُ ,,,  خَضْراءْ
                                      8
           قالت الأم التونسيّة  الشابّة بفرنسية "  باريسيّة " لطفْلها الذي أراد مُشَاكَستي في "مكتبة الكتاب "...
 قالت له :" كنْ حَكيما  يا جورج"
قلتُ لها : "مَدامْ" :لقد تذكّرت الآن كتاب " مديح الجنون"  للحكيم ارازموس ومَقْــته ... الشّديد"  لغَلَبَة العقْل عنْد الأطفال ".
 
 قالت لي :"شكرا ...
هل أنت تونسيي
 قلت لها :" أحيانا .."
 قالت لي " الآن سوف  أطلب كتاب مديح الجنون "
قلت لها "حافظي على جنون جورج / الشّنْفَرى .."
 ( هي اسمته جورج وأنا اسميته : الشّنْفرى )
 آه كم توحّشْتُ ذاك  الولد ..الذي صادفني وصادفته  مرة واحدة.
9
ربّت على كتفي الطّفل البَدوي الذي يـمْـشي   معي في "شارع باريــس"  للذّهاب إلى حائط المبْكَى المالي  وربـّما  قبّل يدي وقال لي :
 ألم تتَعوّد على مُصارعة اليُتم العاطفي. ..
 واخْتِفاء الجيّاد وراءِ الأفق ...
قلت له  : لاَ...  لاَ   لقَدْ تعوّدْتُ يا صَاحبي
 لكني تذكّرْتُ   أوْجاعــي 
 وأوْجَاع   صَاحـِـبي...
الفِراق مُرّ يا صاحبي ..
فأمْطَرت داخِلهُ   الطّفل اُلْــبدويّ  
 وأمْطَرت داخِـــلي ...
  وانطوينا سويّا بيـــن صَفْحتين
من كتاب كتبنَاهُ  معًا و  أسْميناه :

 " كتاب دمْـــع الوَداع " 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث