أرشاق "كليمنسيا الجميلة .. التونسية .,قادِحَة الصَّوان الكونية

أرشاق "كليمنسيا الجميلة .. التونسية .,قادِحَة الصَّوان الكونية "

 أنشر هذه الأرشاق في " المغرب " قبل صُدور الكتاب في " المشْرق " 

1

رَشَقُ اُلْـمُغَنِّي

(أَنَا مَاغنَّيْتُ قَــطُّ ... قَدْ أكُــونُ بـَكَيْتُ...)

شئٌ  مِنْ أَنَامِلِيَ _ قَالَ اُلْـمُغَنِّي اُلـْحَزينُ _ وطُولِ لِسَانِي
وضَيقِ جُيوبِ خَياليَ اُلْلُّغَوِي 
أصَابـَهَا بِضِيقِ اُلْتَّنَفُّسِ
واُلْإدْمَانِ اُلْشَّرِهِ عَلَى اُلْتَّدْخِينِ
وَاُلْصَّوْمِ عَنِ اُلْكَلاَمِ اُلْعَاطِفـي . 
تَذَكَّــرْتُ اُلْآنَ أُمْثُولـَةَ اُلُطَّائِـرِ فِي رِوايَةِ
"اُلْعَصافير تـَخْتَفـي لِتَـمُوتَ"

(...)

لـَمْ أَجَدْ سِـــرِبةَ اُلْشَّــــوْكِ اُلمُواتِيَةِ لِأَشَّكَ بـِهَــا قَلْــبِــيَ عِنْدَها

وَأنْسَى أَنِّي كُنْتُ أُغَـــنِي 
( أَنَا مَا غَنَيْتُ قَطُّ ..كُنْتُ أَنـْزِفُ وهَيْ اُلْتِي حَسَبَتْنيَ   أُغَــنِّي )

يَا وَطَــنِي

اُلْعَاطِفِـــي

2

رَشـقُ اُلْوِحْشَةِ.

أنـَـا.. أصُلُ اُلْــنُسْخـَـةِ

اُلْبَريًـة اُلْمتَوَحٍشَةُ وِ حْشَتِـي لٍلْحُـبٍ وَاُلْعَـدْلِ

وَاُلْحُريًة مُعَلَّقة اُلْتُونِسيٍينَ واُلْتُونِسيـَاتِ  اُلْأبَديًـة.

يا وَطـَــني اُلْــعاطفي

3

رشقُ اُلْظِّلِ اُلْـخَـائِـنِ

(...)

  قُلْتُ مَنْ " اُلْـخَائِـنُ " ..؟

(...)
قَالَ لِـيَ ظِلـِّـيَ أمْسِكْ

 بـِــيَ.. .

 مَنْ كَان يُــهَاتــفُكَ  اُلآنَ حَوْلَ ضَرورَة  "اٌلْثَّوْرَةِ اُلْــثقَافيَّــة"  
قُلْتُ مَـنْ ..اُلْأوَّل أمْ اُلْــثَّــانِي ..؟

قَالَ لِـيَ ظِلَيَ :

امْسِكْ بِـــيَ : هُوَّ اُلْذِي "جَاءَ مِنْ اُلتَّالي... وقَال ياَ َمَالـيَ "

(...)

قُلْتُ لـًـهُ : " مُتَخَفِّــفٌ أَنــَا .. مِنْ أشْياءِ اُلله..انْ شَاءَ  اُللهُ

 ثَــقِيلٌ بـِـمَتَاعِبِ اُلْــوَطَن.. 
وأسْفَارِ اُلْلُّــغَةِ ...

أصْفَارُ اُلْعَواطِفِ

(...)

لاَ تعْنِيــنِـِي ... ولاَ مَالِ    لـِي ..

 وَ أنَا  مِنْ تُونُسَ في مَا  أعْلَــمُ 

ولَسْتُ مِن " مَالِي " ..؟ 

(...)

فَاْنْكَسَر ظِلي عَــنِّي وبـقِــيتُ عَلى وقُوفٍ وحْدي بـَـلاَ ظِلٍ .

(...)

هَكَذا أَنَـــا سَعيدٌ تَقْريبًا  ..عَلَى طَريقَـــتِـي  
لاَ أحُبُّ   اُلْــظِّلاَلَ 
يـَا وَطَــنـِي اُلْعَاطِفـِـي .

4

رشَقُ اُلْـحـِـكْمَة اُلْغَائِـبَةْ

"لا مَرضَ أوْجَــع  لِلْــتُّونِسيينَ

واُلْتونُسياتِ   مِنْ  قِلَّة   اُلْعَقْــل اُلــعَاطِـــــفِيِ "

تَقُولُ اُلْحِكْمةُ اٌلغَائِبَــةُ

 يَــا وَطَــنـِيَ  

 اُلْعــَاطِفي

5

رَشَقُ لُؤْلُـؤَةْ

امْرأَةٌ كَامِلَةُ اُلْنُّضْجِ  تَكَلَّم نَفْسَها ...

و قُفَّتـَهَا هَذا اُلْصَّباَح..  ربَّةُ عَائِلَـةٍ هِــيَّ

أوْ خَادِمَةٌ .. جَاءَتْ عَـيْنـِي فِي عَينِهَا قُلْتُ لـَهَا "صَبَاحَ اُلْـخَيْرِ"
قَالَتْ لِي "صبَاح اُلْطَّمَاطِمِ

وَاُلـْحُكُومَةِ اُلْفَاسِدَةْ .."

(...)

وزَادَتْ " أَعْذِرْنِي . طَارَ بُرْجٌ مِنْ عَقْلِيَ ..يَا وَلَدِي "

( اُلْأَكِيدُ أَنـِّيَ أنَا أَكْبَر مِنْهَا سِنًّا وَهْيَ أَكْــبَرُ مِنـِّيَ وَجَعًا)

فَكِدْتُ أشْتُم اُلْدُنيَا مَعَهَا ..

يَا وَطَنـِي  

 اُلْعَاطِفِي

   

6

رَشَقُ  الأنَــامِلِ اُلْـمُرْتَـجَفَة

قَدْ نَــقْتُـلُ مَنْ نُحِبُّ بـِاُسْم اُلحُبِ واُلْصَبابَةِ

اُلْـــزَّائِـدَةْ 

ويَــقْــتُلُــنَا مَنْ نُحُبّ   باُسْـمِ ذَلِـكَ اُلْحُب وَاُلْصَّبَابـَةِ اُلْــشَّارِدَةْ

يَا وَطَنيَ

  اُلْعَاطِفي

7

رشَقُ اُلحَــذَر اُلِواثق

_ أنَـا كْليـمَنْـسِيَا

لَوْ مَدَدَتَ لـِـيَ يَدَكَ اُلْــنَّاعِـمَةْ

خضْــــراءْ

خَضْــــْراءْ

مَا صَدَّقْتـــُـكَ

لَــوْ بَــاسَتْ عَيْنُكَ اُلِيــُـمْنَى عـَـيْـنَكَ اُلْـــيُــسْرَى مَا صَدَّقْتــُكَ

لَــوْ بَاسَتْ شَفَتـــَـاكَ كُــل اُلْعُيونِ

اُلْـتي لِأطْفَالِ اُلْدُّنيَا وأطْفَالِ

جِيرانَكَ عَيْنًا عَيْـــنًا

مَا صَدَّقْـــتُكَ

لـَـوْ بُسْتَ كُلَ اُلْــعُيونِ اُلـْـتي

أحْبـَـبْتَ وأبْكَـــيْتَ

لَـوْ بُسْتَ كُلَّ اُلْعيُونَ اُلْــتِـِي لَدَيْكَ

مَّا صَدَّقتُك

(...)

وصَدِّقْ أَنـِّـي أُحِبُّكَ   أقْصُدُ أَنِّـيَ أُحِبُّــنِـيَ فِــيكَ   واُبْتــَلى   بـِــيَ   مُنْذُ كَــسَّرتِـــنِيَ فِــي   بِــلاَدِيَ    مِــرآتي

سَوْفَ    أقتُلـُكَ   وَجْدًا

وسَوفَ تُحْــييكَ أَحْرفُ أسْمَائي اُلْــتِي فِي هَذِهِ اُلْــوَرَقـةْ  أنــَا كْـليـمَنْسِيَا اُلْـجَميلَــةْ

اُلْتُّونِسيَّةُ   كَامِلَـةُ اٌلحُسْنِ واُلْـحُزْنِ قَادِحَةُ اُلْصَوَّانِ اُلْكَوْنيَّةِ نـَرْجَسيَّةٌ تَـمـَامًا

اخْوَتي نـَـرْسيسُ  اُلُـمـَاءِ و نـَرْجِــيسُ اُلْصَّحْراءْ... لَسْتُ مُتسَوِّلـَة

عَاطِـــفِــيَّة

لَسْتُ أَنــانيَّة

هَلْ يُـزْعِـجُكَ أنْ أُحِبَّ ذاتِـــيَ

و أتـَمدَّحَ بِــصِفَاتي بيْنَ   صَفَحَاتِ   كِتابِك ..

(...)

وسَّع لِـيَ حِــبْرك أهَبُكَ كِتابَ أسْرارِيَ

(....)

_  اُلْسَّمْــعُ وَالطَّاعـةُ

يَا وَطَــنِيَ

اُلْعَاطِــفِـــيِ

8

رَشَــقُ   أَفـْجَــارِ اُلْوَرْدِ اُلْغَسَقِـي

إنَّ عُمْرا بـِـلاَ

أنــْتِ لاَ يـَـجُوزُ

وإنْ حَدَثَ ذَلكَ فَاُلْعَــــيْبُ فِـي أنَامِلِ مَنْ قَصَّتْ سُرَّتـي فـَجْـرا وأوْدَعَـتـْـهَا مِنْقــارَ اُلْــطَّائِــرِ اُلْأَحْــمَرِ فـِـي غَــفْلـَةٍ

(...)

مِنْ أُمِّــيَ أقْصُدُ أمَّكَ اُلْــتِي هِـيَّ خَالتِي   واُلْــتِّـي لاَ أَعْرِفُــهَا وَلاَ تَعْرفُـــنِي

وَاُلْعُهْدَةُ عَلَى أطْيَارِ اُلْـمَنَامِ وكُتُبُ اُلْـــسُّحُــــبِ

يَا وَطَنيِ

اُلْعَاطِــفِيِ

9

رَشقُ اُلْطُمَأْنينَة اُلْـخـَادِعَة..

اُلْسَّمَاءْ وإنْ كَانَتْ زَرْقَـــاء...

فَهْي

اُلْسَّمَاءْ ..

وإنْ كَانَتْ   حَدائِق

مُعَلَّقَةٌ  و مَرْعَى لِقُطعَان اُلْغُيُومِ  اُلْشَّوارِد  فَــهيْ اُلْسَّمَاءْ ... وإنْ أمْطَرَتْ ذَهَبًا أوْ حَجَرا فَهْي   اُلْسَّمَاءُ  كَذَلِكَ هُوَّ قَلْبيَ

يا كْليـمَنْسِيَا اُلتُونِسيَّة  اُلْجَميلَة  إنْ طَربَ فَــهْو يُحِبُّكِ  وإنْ حَزنَ فَهُو يُحُبُّك وإنْ هُو هَذَى كَمَا هَذَى   بيْنَ مَشَارِط اُلْأَطبَّاءْ _ فيمَشْفَى  "عَزيزة عُثْــمَـانَة" _  كَمَا عِظامِيَ فَهْــو يُحُبُّكِ ...وإنْ أُحْرِقَ عَليْهِ بيتُه وهْو

غَافِلٌ ذَاتَ فجَـْر فِي لِحَافِ أحْلاَمِهِ  فَهَوَ يُحبُّكِ وإنْ  أخْلَصْتِ فَهْــو يُحِبُّكِ وإنْ خُنْتِ... فَهْو  يُحِبُّكِ لِأنَّــكِ أَخْلْصْتِ لِنَفْسِكِ يَــا غاليَّةْ

 يَــا وَطَنـِيَ

 اُلْعَــاطِــفِــي

                                         10

رَشَـقُ دَسْتَانَاتِ اُلغُـرْبَة..

" سمَعْتُ نغْمَتَـها

و دَسْتَانَاتـَــهَا

وَتَــعَلَّمْتُ إنْشَادَهَا

وأَصْواتَهـا تَقْرَعُ

مَسَامِعيَ

(...)

فتَكَادُ تنْقَــطِـعُ   أوْتـَارِيَ وَتَنْفَصِلُ مَفَاصِليَ مِنْ لَـذَّةِ مَا

أنـَـالُ ولاَ يَـزالُ اُلْأَمْرُ يتَكَرّرُ عَليَّ حتَّى  اُنـْـقَشــعَ  اُلْــغَـمَـامُ .."

اُلسّهْرَوَرْدِي اُلمْــقْــتُول فِي غـُـرْبتِهِ

 يَا وَطَــنِـيَ

اُلْعَاطِــفِــي

11

رشَقُ اُلْكَبْــرِيتِ اُلْأَحْـمَرِ

شُيوخِ اُلْـخَطِّ اُلْأَحْـمَرِ اُلْكَبْريــتي

لاَ يُــتَبَيـَّـنُ فِــي أَفْـجَارِهُــمُ اُلْـخَيْطُ اُلْأَبْيَضُ مِنَ اُلْـخَيْطِ اُلْأَسْوَدِ  فَيُسْتَدَامُ اُلْظَّلاَمً

(...)

وتُدارَ اُلْأُمُورُ اُلْــغَامِضَاتُ  بِاُلْلّيْلِ اُلْــبَـهـِـيـِمِ

كمـَا كَانَتْ باُسْـمِ اُلْــرَّحْـمـَانِ  تُدارُ

(...)

( لاَعِلْـمَ لَـهُــمْ بِـرِوايَة" اُلْـمَخْطُوطِ اُلْقُرْمُزي"  وسَـجْدَةِ عبْدُ اُلْلّه اُلْصَّغير ورَكْعَتِــه  ومَفَاتِيحِ قَصْرِ اُلْـحَـمْراء )

 يَــا وَطَــنِـي   

 اُلْعـَـاطِـفِــي

()

                                                  12

رشَقُ   دَمِ   اُلْــغَـــزالِ

كُنْتُ طِفْلـَةْ

  كَانَ يُـبْـهجُني أنْ أحْمُشَ اُلْــنَّارَ بأعْوادِ مِثْـنَان اُلْغَـزالِ

لِأَشْوِي بَيْضَةَ اُلْـدِّيك   اُلْأسْــوَدِ أَوَّلَ مرَّة   وحِينَ كَبُـرْتُ   عَرَفْتُ حِينَ لْم أجَدْ

(...)

مَعِـيَ قَـلْبيَ فِي اُلـْحـُبِّ  أَنِّــــيَ كُــنْتُ أَشْوِي مِنَ اُلْــقــهْر قَلْــبيَ   ولمْ أكنْ

أدْري عُدْتُ اُلْآنَ إلىَ أرْضِ اُلمْحْرقَةْ  وَجدْتُ أُخْـتِيَ  اُلْـصَّغْرَى

تَشْوي عَلى مِــثْنَانِ اُلْــغَزالِ بَيضَةَ دِيكٍ أخْرَى بـِحِكمْــَةِ اُلعَّارِفَةِ  وتقلِّبُ اُلْرِّيشَ اُلْأسْوَدَ .. سُعِدْتُ لِأنَّ اُلْأَهْلَ وانْ ذَبـَحُوا قَـلْبيَ فَـهَــا إنيَ بعْدُ ...

بذِكْـرَى دَمِ اُلـْـغَزالِ   أَحْــيَا  

 يــَا وطَــني

 اُلعَاطِــفِـي

13

رَشَقُ حَياةٍ  مُسَرْكَــلَـةٍ

تَـهَـاطَـلَتْ اُلْأَوامِرُ مَعَ اُلْــقوائِل

 وتَـكَلَّمَ أَبْــنَاءَ  اُلْسَّاحِراتِ

 سُلاَلَـةُ النّوَّاحَاتِ فِي اُلْـمآتِـمِ

مِنْ أَجْلِ اُلْــفَوْزِ بِــخُبْز

 اُلْـمَوْتـَى اُلْفَائِـزينَ 

وَاُلْــفَائِــزاتِ  بِاُلْــنَّجَاةِ مَنْ هَلاَكِ اُلْـحَياةِ  اُلـْمـُـسَركَــلَـةْ

 و اُلـْمـُـسَرْكَــلَـةْ

 بِاُلْـجَبَّانَاتِ وَ خـَيْـبَات  اُلْأَحْيَاءِ واُلْـمَـوتـَى  مِنْ  عِـلَـلِ اُلْـحَيَاةِ وَأَسْبَابِ اُلْـمَـمَـاتِ ...

 اُلْـــعَبَــثـِــي   

( ...)

اًلأطْفَالُ جِـياعٌ وَلاَ مَـأْوَى

 يَـا وَطَــنيَ   

 اُلْعَــاطِــفِـي 

()

14

رَشَقُ جِذْعِ اُلْشَّجَرَةْ  ..

واحِدَةٌ مِنَ اُلْـمُـنْتحِرَاتِ اُلْتُونِسِياتِ تَـكْتُبُ عَلَى جِذْعِ   شَجَرَةِ :

"حينَ يَبْلُغُ بِكِ اُلـْحـُزنُ أقْصَاهُ

(...)

غنِّني  يَا طِفْلَةَ  أَوْجَاعِي..

 غَنِّنـِـي
تَقُولُ اُلْبِلاُدُ  اُلْعَاطفيَّةُ

 لِلْبنْتِ  اُلْيتيمَةِ

(....)
تُجيبُ اُلْبنت ُاُلْــيتِيمَةُ واُلْتِّي هيَّ مِنْ أخَوَاتِ قلْـــبيَ :

"وهَلْ أذْرَفْتُ أَقــَلَّ مِـمـَّا وهَبتِــنـِي من اُلْــدَّمْع يــَـا أمَّ

يَا وَطَــنِي ..      

اُلْعَاطِفِي ؟  

()

15

رَشَقُ اُلْفُسْتـُـقاتِ اُلْيَتِيـــمَاتِ

تـُمْسِكُـنِـي   غُصَصٌ لاَ أَعْرفُ لَهَا

 إسـْمًـا و أصْلاً وَلَـم تَعُدْ تَحْتـَمِلـُنـِيِ وَلاَ أَحْتـَمِلُهَا اُلْثِّـيَابُ

و اٌلْوَرَقَةُ     

  كـَمْ   هِـيَّ هَشَّةٌ رُوحِــي آخِرَ كُــلَّ لَيْلِ . أُنِـــيـمُ عَواطِفِــي وَأَتسَلَّلُ خَارِجِــي أتَمَشَّى في طُرقات قَفْصَة .. وقَصْر قفْصة ثُـــم أعْــبُر إِلَى عَمْرة ..

(...)

أجْلسُ مَعي قَــرْبَ اُلْبئْر عَلى حَافَةِ اُلـجَــابيَةِ . أغَـنِـي بِصَوتٍ نـَـحِيفٍ لِئَلاَّ أوُقـِـظَ أُمِــي فَتَلُومُنِي _ كـَمَـا عَهَدْتـُـها أوْ عَلَّــهَا غيَّرتْ   عَاداتـَها  _ لأنِّي أَزْعــجْتُ يَمَامَها في مَنامِــهَا .. أَقُولُ لِشُجَيراتِ اُلْــفُسْتُــقِ

اُلْيتيـمـَـاتِ : سَلاًمًا قَدْ أعُودُ قَــريبًا عِنْدُكُنَّ لِأنَامَ طَويلاً   قُرْبَ لَيْلِ اُلْأَبَديَّة  أتَصَقَّرُ مَعَ اٌلْسُّمَـارِ لِأَشْعَارِ أجْدادِيَ اُلْبَدويَّة  حِينَ تَتَنَاوَحُ أُنْــثَى اُلْرِّيـحِ مَعَ اُلْغَــيْبِ

وَمَوَّالاَتِ اُلْغَائِبِ  .

(...)

 عَلـيَّ   اٌلْآنَ أنْ أَعُودَ إِلَى عَواطِفِـي اُلْأخْرَى   سَريعًا   لِئَلاَّ تـَحَلَّ ضْيفًا ثقيلاً عَلَى "سِوايْ"...يا أَخَواتِي

يَــا بَنَاتَ أُمِّـيَ اُلْصَّابِـراتْ  

( اُلْأُخْتُ تَــغَارُ مِنَ اُلْأُخْتِ )

 فأتحمَّلُ وِزْرَهَا وَ أَوْزارَهَا

يَا وَطـَــنِــي   

 اُلْــعَاطِفي

()

                                    16

رَشَقُ اُلْبَارِقَــةِ ...

_ مَاذا تـُخَاطِبُ فِي ذَاتِكَ اُلْبَعِيدَةْ أَيُّـهَا اُلْـجَنُوبـِيِ ؟

_َبارِقَة اًلْأَمَلِ اُلْتِي تـَرَكَتُ يَتِيـمَةً فِي اُلْقُطْبِ اُلْشَّماليِ مِنْ أرْضِ جِلْدِ اُلْغَزالِ
_ وحِينَ أَقُولُ لَكِ إنـِّيَ سَقَطْتُ مِنْ كِتَابِ " صُورَةَ اُلْأرًض " لجدِّكِ بنُ حَوْقَل..؟ 

_ هَلْ مَازِلْتَ هُنَاكَ.. اشْتَطَّتْ اُلْـمَسَافَاتُ   كأنَّ حَبِيبَتُكَ   اُلأرضُ لَمْ تـَـدُرْ بِــرِمَّــتِهَا

و اُلْسَيِّدة الْدُّنْيَا لمْ تغيَّر

أحْــــوالَهَا؟

_ ومَاذا تغَيَّــــرَ مِـــنَ اُلْأَرْضِ غَيـْــرَ ما تَـــرَيـْنَ وأَرَى ..

يَا رُوحِيَ

مِــــــنْ أوْحَــــــالِهَا ..؟

_ هَلْ فَاتَكَ مَا ترَى مِنَ

لَامُبالاَة اُلْوَرْدِ

مــــن أثْـقَــالِهَــا ..

يَا وَطَنِــيَ

اُلْعَاطِفي ؟

17

رَشَقُ دمْعِ ...  اُلْحَاجَاتِ

كُلَّما َنــَقصَتْنِي حَاجةٌ بــَكيتُ علَى حَاجَاتٍ .  قَالَتْ لِي. قُلْتُ لَهَــا ألَا تَـملْكين رَفَاهِـــيَّــة ُاْلـحُزْنِ كَــمـَا نَباَتِ   " اُلْــتــّــَقْــنَسِــيتُ  "

جُريْعةٌ ِمنَ اْلِنسْيَانِ وَسَوفَ نُـجْـهِـزُ عَـــلَى جِرارِ  هَذا ُاْلــحزْنِ اْلْطَّارِقِ وَالْـمُقِيمِ  وَ لـَوْ  إلَى حِين.ٍ

(...)

اُلحْـزْنُ أصْبَحَ وبَاتَ ..

وَتَعَرَّى مِنْ قِـــنَاعِهِ

وعَرْبـــــــدَ

فِي اُلـْخَلَوِيِ مِنَّا...

(...)

من مُكَـمِلاَتِ اُلْـحَيَاةِ

هُــوَّ اُلحُـزْنُ

يَا جِنِّيتي  اُلْحِبريَّــة..

(...)

ثَــمَّةَ مَنْ أهْلي وأهْلكِ ومِنْ كَائِنَاتِ  اُلْعَالَمِ مَنْ لـَمْ يَعُدْ بإمْكَانِـهُـمْ أَنْ يـَحْزَنُوا بِـمـَا يـَليقُ بـِمَقَامِ اُلْـحَـزْنِ .. وَكـَرامةِ اْلدَّمْــعِ .

تخَـفَّـفِـي مِــني إنْ أنـــَا خَزَّانُ

حُزْنُكِ ..

تَبَيَّنَ لِي أَنِّي كُلَّــمَـا رَأَيْتِني

" سَعِيدًا "وَ بـِيَ حُبورٌ وبَعْضُ رَقْصٍ وإنْ مِنْ أَوْجَاعِ   اُلْـحِبْر هُوَّ رَقْـصِيَ  حَزَنْتِ  أَنْتِ ...أَوْ هَكَذا يـُخَيَّل لـِي

هَلْ أَنَّ سَعَادَةَ مَنْ نـُحِبُّ تُـخِيفُ   إِلىَ هذا ُاْلـحَــدِّ

يَــا وَرْدَةَ حِبْري

يــَـا وطَــِني

اُلـْـعَاطِـفي؟

18

رَشَقُ اُلْــرَّاجِــفَةِ..

مَـتَى سَوْفَ تـُكْمِلُ بِنَا  اُلْأَرْضَ دَوْرَتـَهَا اُلْعَاطفِيَّةَ .. وَتُغْلِقُ كِتَابَـهَا اُلْقَمَري 
عَلـَّهُ ثَـمَّةَ "ديانات" حُبٍّ أُخْرَى غير مُسَلَّحَةٍ بِاُلْـحَنينِ اُلْـدَّمَوي   

وتُقَاةٌ  أتْــقَى

مِنَ اُلْذِّينَ عَبَرُوا اُلْأَرْضَ عَلى جَـمَـاجِمِ اُلْفُــقَراء أحْبَابُ اُلله  وَاُلْـمُغَفَّلينَ مِثْلـيَ حين صَدَّقُوا بجُحائيَّة نادِرَة وعُودَهَـمْ  (وَقَدْ أكَلُوا اُلْترُّاثَ )

فَاُنْشَقَّتْ جُغرافيا اُلْبِلاَدِ اُلْرَّاجِفَةِ

 عَنْ حُزْنـِهَا وَ اُلْلُّغَةْ .. ؟

يَا وَطَنِيَ   

اُلْعَاطِفِي

19

رشَقُ اُلْـحَياةِ ...

قَالَتْ:

"من يَـكَشَّف على حقيقَةِ اُلْـحَياةِ

ولوْ يعِشْ قَرنا
يَمُتْ أعْزبَ اُلْــقَلْبِ .. وبـجسَدٍ أرْمل ولاَ يًفيدُه... الصيدليات اُلْعَاطِفِيَّةِ
وكِتَابَ " الذِّكْريَات "

(...)
قُلْت :
لاَ أحِبُّ ُّالمتَاحِفِ اُلْعَاطفيَّة .
وانْ كَان يُفيدُني حينَ هَشَاشَتي
بعْضُ دمْعٍ عَلَى عُشْب ينْبتُ ُمنْ تحْت قـَـشٍّ فِي حَدائق
اُلْـذِّكْرياتِ ..

قَالَتْ :
لَسْتُ دليلَ سيَاحَةٍ عاطفيَّةٍ

ولاَ أحُبُّ اًلْـذِّكْرياتْ
قلتُ :
لِيَنتَهي أمْرُنا مَع آخِر قَطْرة منْ خَمْرِنَـا ...
أنا لِكُتبي .. وأنْتِ لِـمـَحْو الذّْكْريات .
لتَــحْــيَا اُلْـحَياةُ

(...)
لتَحْـيا اُلْـحَياةُ

ياوَطَني

اُلْعَاطِفي  

20

رشَقُ شَقَائِقُ اُلْنَّعْمَـانِ 

فصَلَتْ وَرْدَة عن شقيـتها حِينَ قَطَفَــتـْهَا على عَجَلِ
وأهْدَتـْــنِيهَا 

( كانَ قَلْــبيَ يـْـنْزِفُ لِأُمورَ أخْرى لاَ عــَلاَقَةَ لـَـهَا بِاُلْاتِيكَاتِ 
وكِياسَةُ العَاشِقات المُتَربِّصاَت في كِتابِ اُلْـحَيَاةِ وَالعُّشَاق ) 
قُلتُ رفْـقًا بقَلبي انَّه مِن سُلالة شقائق  اُلْــنُّعْمَــانِ

 و" اُلْسِّتِ مَرْيـَم"

ومَا وَرَدَ في كُتًبِ اُلـْحَدائِق  

واُلْفَلَواتِ

قَالَتْ :
مَا فَعَلْتُه أنا 
بشَقيقــتَكَ اُلْوَرَدَة ..
فَعَلَهُ شقيقُ قَلبيَ 
بِقَلْبِي اُلْذي
هُوَّ قلْبك . 
قلتُ لَهَا رفْقا بأنامِلك سَوفَ أُعيُد عِـنْدَ هَذا 
اُلْفَجْرِ اُلْتُّونِــسي... اُلْكَوْنِي اُلْسَّديـمِي  اُلْـمـُعْشَوشَبِ بِـطُـفَـيْليَاتِ اُلْـخـَيْبَة 
دُروسَ اٌلعِشَابَة . وأجْلسُ إلي بُسْتاني اُلْعَائِــلَـةِ
علَّه يَدُلُّـني عَلى بُــذُورٍ جَيَّدَة اُلْسُّلاَلَة 
تتَحمَّل اُلْصَّقيعَ اُلْعَاطِفي 
وقَذائِف شْهيلي ...اُلْــقُلوبِ اُلْـحـَافيَّة 
قَالَتْ سَلاَمُا . 
قلتُ ومِنْ أيْـن يَأْتـي اُلْسَّلاَم

  يا قاصِفَــة أعْنَاق اُلْورْدِ
عَلى عَـجَل 
يا بنْتَ السُّحَيْراء مِنْ أيـْنَ يَأتِـي اُلِسَّلاَمُ 
يا وَطَــني

اُلْعَاطِفــي .؟

هـَمَسَتْ لِي  مِنْ جـِهَة قَلْـبي

 سَوْفَ  
تُـمْطِرُ...  سَلاَمًا 
يَــا وَطَني 
اُلْعَاطِـــفِي .
قلت لا أعرف كيف تُــقَــدُّ الفُلْكُ وتَعَبَ بصَري
ولم تَسْلم بَصيرتي 
يا وطَنِي اُلْعَاطِفِي . 
قالتْ لِي:
لكَ بصَرٌ وبَصِيرَةٌ أخْرَى في حِبر اُلْتحُّول اُلكَوْني 
لَسْتَ في اُلْـــيَـَّم وحْدَكَ وَلـَكَ طُقوسٌ أخْرَى في اُلـْحِـــبــْرِ.
ثَـمَّةَ في أرْضِنَا مَنْ يُمْسِكُ عنْكَ اُلبَوْصَلَـةْ .
ثِق ْفِي شَباب اُلْمَرْحَلَة ْ.

قٌلتُ لَسْتُ بَطَلاً نِـرْفَانيَّا وإنْ كُنْتُ أحِبُّ كِريشْنَا حَكِيـم ُالْهِـنْدِ

(...)  
أَنـَـا لا َأخْشَى اُلْــغَرقَ. جرَّبْــتُ اُلْـــناَّر 
أنَا أثِقُ فِي شَبَابِ اُلْحُبِّ وشَبَاب ِ

اُلْـمَرْحَلـةِ وإنْ ظَهَرَتْ علَيهِ أَحْيَانَـــا عَــلاَمَاتُ اُلتَّعَــبِ 

يــَا وَطَنـِــيَ

 اُلْعَاطْفي

21

رَشَقُ اُلــبَلـْـقَاء

 أضْـحَكْتِــنِي  حِينَ قُلْتِ لـِي :

"شئٌ يٌنْطِقُ اُلـْحَجَرَ وَاُلْـبـَــقَـرَ 
ومَنَ أطاَحَ بـِثَورَةٍ أقْصُد أنـْـثـَى اُلْثَّورِ اُلْبَلْــقَاءْ..  فَلَـــهُ لـَحْـمُها وعِـجـْلها

و حَـليــبــهَا  وجِلُدها فـَـهْي خَالِصَةٌ لَــهُ من دُوُنَ كُلٍّ اُلــفَلاَّحينَ...

يَا لَــهَا مِنْ أحْوال لاَحِــمَةٍ "

 يا وَطَني

اُلْــعَاطِـفِـِي