mardi 5 février 2013


مثقف السلطة ..والمشي الى" فرانكفورت" على بيض النعام
بقلم سليم دولة ( الكاتب الحُر )

(( إلى الأستاذ عبد السلام زيان ))
v      
 ((جريدة القدس العربي)) ( لندن ) الشهر 9 _ 2004
v      
v     سأكون ذاتيا بمعنى: واضح وجارح، ذلك أن استحضار الثقافة محليا يحيلنا للتو علي السخافة المعممة التي تفتح بدورها علي اقتحام السرطان الحزبي السياسي علي كل ما يسمي المجتمع المدني ، ذلك أننا نحذق الخلط بين السجلات والمجالات، كما كان شأننا دائما، كأن نخلط بين فعل التغيير والتزوير، بين الاقتصاد والوعظ الأخلاقي، بين الكونية والعولمة، بين المشاركة والشرك، تماما كما بين الصراحة والوقاحة وبين حب الوطن والجنون علي رأي صاحب أم القري .
ان مناسبة هذا الحديث المالح هو خبر الضيافة الألمانية للثقافة العربية. هكذا، الثقافة في المطلق!!! غير أن أولي الأمر منا، وأقصد أحزابنا الحاكمة المتحكمة في رقابنا وفي أجورنا وفي تسيير جولان أفكارنا، تريد أن تتمسك بحق شبه ميتافيزيقي في تحديد رقاب بنات أفكارنا بالتفكير لنا نيابة عنا وبدلا، فتأخذ الجزء علي أنه الكل، بمعني أن المنتجين في طواقم المشاركين والمشاركات من رجالات و نساءات التونسيين والتونسيات، هم من جوقة واحدة وفيصل دموي واحد، وحزب واحد ذي عزف منفرد واحد أيضا، لا يمثلون الا التجمع الدستوري الديمقراطي وريث الحزب الحر الدستوري الاشتراكي جدا، فكان سليله التجمع الدستوري الديمقراطي ديمقراطيا جدا الا أحيانا اذ هو يتبني الحرية المطلقة في كل شيء: التبادل الحر، الجامعات الحرة الي غير ذلك من متواليات الحريات. أمر واحد فقط يريده أن يظل حكوميا وملكا خاصا وهو الحقل الثقافي، أكثر الحقول الملغمة والذي لن يستطيع تسويقه في الأسواق الحرة لخوف حقيقي أو وهم من المشرفين علي تسيير الأمر الثقافي من الحرية. لذلك، تجدهم كتابا وكتبة ومكتوبا لهم يحاصرون من يخالفهم الرأي في الآداء الكتابي والمعرفي، فيستحيل المستشار منهم الي منشار حقيقي يأتي علي الغصن الذي يقف عليه، ويستحيل بقدرة عجائبية لا يعرفها غير الراسخين في التقلب والتلون، يستحيل الشعار الحقيقي الي ما يشبه الشعر المستعار. وهي مسلة موضة واستراتيجية موضة ومن أخص خصوصيات الموضة أنها تأكل نفسها كي تضمن لها الدوام Le propre de la mode, c'est qu'elle se demode .
ذلك هو حال الثقافة العربية الرسمية الموسومة بالحزبية الضيقة التي يراد لها أن تكون ممثلة للثقافة العربية بألف ولام التعريف.
عود علي بدء: المشي الي فرانكفورت علي بيض النعام.
ان الاعتراف بالاختلاف وبفكرة حق الاختلاف يفترض أساسا تثويرا للبني الذهنية لدي المشرفين علي تسيير الشأن العام والأمر العمومي في الوطن العربي وفي تونس تحديدا، ذلك أننا نسمع خطابا رسميا راقيا حول وضع الثقافة والمثقفين وضمان حقوقهم المادية والاعتبارية.
غير أن الممارسة والمعايشة اليومية تقول غير ذلك تماما وكأنما المطلوب منك، باعتبارك كاتبا مثلا، هو أن تصدق التلفزة وتكذب نفسك. وهذا من باب الكذب عيني عينك . الكذب ليس بالمعني الأخلاقي فقط، انما بالمعني اللغوي تحديدا اذ يعني الكذب، في ما يعني، وضع الكلام في غير موضعه. كما يتم وضع الفرانكفورتيين التونسيين التجمعيين الديمقراطيين وأحبابهم في موضع المتكلم الواحد الوحيد الأوحد باسم الثقافة التونسية. هكذا في المطلق، كما لو أن مثقفي تونس انما هم علي بكرة أجدادهم حزبيون متحزبون بالقوة والفعل والامكان والضرورة.
ان كانت الضرورة الشعرية تقتضي بعض العدول والانزياح والعلل والزحاف، فان القائمين والقائمات علي تبرير الشأن الثقافي قد استفادوا من هذا التسامح العروضي ليعرضوا عن تشريك معارضيهم، ان يحذقوا تماما التعامل مع خصومهم بعقلية الأعداء.
ولم يدركوا بعد أنني أتعامل معهم، أنا شخصيا، اعتبارهم مجرد خصوم لا أعداء. لذلك تجدهم بعقليتهم تلك المتعودة علي تكرير المكرور من الأفعال، يمارسون كل أشكال الاقصاء والتغييب، ويستكثرون عليك نشر كتاب في سورية أو لبنان أو المغرب، فما بالك بأمر المشاركة معهم في فضاء ستكون أنت فيه فضيحتهم وشاهدا علي تملقهم ونفاقهم وحربائيتهم. ذلك أن الكثير من الخلق الثقافي عندما يغادرون تونس، يقدمون أنفسهم علي أنهم مناضلون اشاوس ومغضوب عليهم جملة وتفصيلا. وأنهم أبناء المعارضة ويمارسون كل أشكال الابتزاز العاطفي والتملق الأممي من أجل أن تدبر أمورهم بالليل وبعيدا عن عيون الوطن. لذلك تجد الواحد منهم لا يقوي علي المشي مستقيما، مرفوع الرأس وانما تراه كمن يمشي علي بيض النعام حذر الشرطي الثقافي الذي يخفيه في معطفه. اذا كان الشابي قد أعلن ذات ليلة في بعض رسائله: اني يائس من المشاريع التونسية ، فانني أعلن بكل برودة أعصابي، وبكل ما أوتيت من حكمة كلبية ، يأسي من المشاريع الثقافية العربية الرسمية. وعليه، أرفض أن يفكر أحد التونسيين لي وعوضا عني حتي زمن شيخوختي الفكرية، انه وان تكلم بأسم التونسيين وان قبل كل التونسيين أن يمثلهم، فهو لا يمثلني، ان لو لأنتخبه، ولم أنتخب من انتخبه، هذا السائر علي بيض النعام.
أفلم يدركوا بعد أن هزائمنا العسكرية هي بدءا هزائم ثقافية؟؟؟
وان كان قد ورد في الأوراق القديمة: اذا رأيتم عالما يخرج من قصر السلطان فاعلموا أن علمه مغشوش فانني أدون في الأوراق الجديدة: اذا رأيتم مثقفا يرسله السلطان الي بلاد الفرنجة والألمان تحديدا، فاعلموا أن وعيه الثقافي مغشوش...

v      
سليم دولة كاتب حر

((كما يصف نفسه) هذه العبارة من مُزادة من قبل (( الناقد السنيمائي خميس الخياطي كما يصف نفسه والذي كلفته القدس بانجاز الملف حول الثقافة التونسية ...(( يا للتاريخ استكثر علي حتى صفة الكاتب الحر التي تربكهم ...
.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث