mardi 12 février 2013

الوصية الحمراء بقطرات دم الشهيد...


v  الوصيَة الحمراء بقَطَراتِ دَم اُلْشَهيد شُكْري بلعيد : وإن غابتْ عيْني.. تُــونس فِي "أنَيْسَيانِ العيْن"
v       " ليس من مات فاستراحَ بميتٍ = إنمَا اُلْميتُ ميتُ الأحْياء


 أيقونة الثورة التونسية هو شكري بلعيد صديق ورفيق، من المناضلين اُلْكِبَار الذِينَ أقدّر عَاليًا صَداقَتَهُمْ اُلْصَدُوق و صِدْقَهُم مَعَ ذواتهم واُلْوَطَنْ_تونس التى قُدَتْ مِنْ حُبَيْبَات تُرابها الزكي أجسادنا وعظامنا وما فيها وما فوقها وما يليها ونفخ فيها "واحب الوجود" أنفسنا و أرواحنا وإليها أكيد الرجوع والرجعان بجوعنا العاطفي للانْصِهَار اٌلْكُلي بتُربتها الزكيَة وتُرابِــها ..  ، والفاجعة في استشهاد شكري بلعيد، في دفاعه عن أفكاره
وموافقه  وإرادة اختيَاره  وعنْ تونس ومَسْألة العَدْل واُلْحُريًةِ اُلْتِي ستَظلّ معلّقة تونس الأبديَة رغم الجروح والجراحات العميقة.

ليس سهلا على اُلْوطن أن  يتحمّل أن يُغْتَال فيه مناضل وقائد عنيد  مثل شكري بلعيد الشاهد المشهود له بالشهادة الصادقة .. الذي يجمع بين تونسيته الأكيدة والشفَافة، وبين انفتاحه على المُطْلق الإنْسَاني في قيَمِه وجماله .. .. وتَنوعه  الخَلاق  في   اتساع  رموزه الباهية  وثقافته وإنسانيته الإتِسَاعيًةِ اُلْواسِعَة  ."شكري " هو اُلْعَاشِقُ اُللُغَة اُلْعَربيًة ..واُلْمَفْتُون حُبًا  بالمتُون التُراثية اُلْمُشيدَة باُلعَدْل والحُب واُلحُرية هُو اُلْذي يَشِفُ منْه اُلْــروح فيَرِقُ فيذُوبُ حين يتْلو عليك "سورة يوسف "من "القرآن الكريم "                              ...  
 "ليس من مات فاستراح بميتٍ
v  إنَما اُلْميِتُ ميتُ الأحْيَاء"

لــمْ يعْرف الكثير من رفاق شُكْري ـ غير "صفوة الصفوة" منْهُم ـ أنَه قبْل أن يَكُون سِيَاسيًا إنما هو شَاعِرٌ يَثِـــقُ "بحِكْمَة المَاء" كما صاغها محمود درويش الذي كانَ يُحِب أن أنَاديه شخصيا "بابن حُوريًة" . الآن فقط ربما فَهِمْتُ أكْثَر ..بَلْ أحِسُ أكْثَر بسِر تَعلق ابن تونس أنْ يُنَادَى "بابْن تونس" وتعَلقه اُلْشَديد برائعَة
"لأبن حوية "مَحْمود دَرْويش  "لي حكْمَة اُلْمَحْكُوم بالإعْدامِ  والتي هي بمثابة الوصية  لما يُمْكِنُ لي تسْمِيتَهُ "بيداغوجيا اُلْصَبْر  واُلْثَوْرَةِ " :"
لِيَ حِكْمْةُ المحكوم بالإعدامِ :

لا أشياءَ أملكُها لتملكني ,
كتبتُ وصيَّتي بدمي :
((ثِقُوا بالماء يا سُكَّانَ أُغنيتي!))
وَنْمتُ مُضَرّجاً ومُتَوَّجاً بغدي...
حَلِمْتُ بأنَّ قلب الأرض أكبرُ
من خريطتها ,
وأَوضحُ من مراياها وَمشْنَقَتي .
وَهمْتُ بغيمةٍ بيضاء تأخذني
إلى أَعلى
كأنني هُدْهُدٌ , والريحُ أَجنحتي .
وعند الفجر , أَيقظني
نداء الحارس الليليِّ
من حُلْمي ومن لغتي :
ستحيا مِيْتَةً أخرى ,
فَعَدِّلْ في وصيتِّكَ الأخيرةِ ,
قد تأجَّل موعدُ الإعدام ثانيةً
سألت : إلى متى؟
قال : انتظر لتموت أكثَرَ
قُلْتُ : لا أشياء أملكها لتملكني
كتبتُ وصيَّتي بدمي :
((ثِقُوا بالماء
يا سُكَّان أغنيتي!))

v 
 "ليس من مات فاستراح بميتٍ
إنَما اُلْميِتُ ميتُ الأحْيَاء"
v  وحين تناهى إليّ خبر اغتياله لم أصدّق، وتدافعت العَواطف والانْفِعالات ولمْ يَعُد عندي اُلْتَمييزُ مُمْكِنًا بين شُكري بلعيد اُلْمنَاضل، الذي أطّر وبحزم استثنائي شباب القصبة الحالمين والوافدين إليها من كل الجهات والجبهات. لم أميّز بين شكري المناضل السياسي وشكري الشاعر، تدافعت عندي صورة المناضل التونسي بالمقاتل الكوني.ولفَنِيَ اُلْتَاريخ اُلْوطَنِي بِذاكِرتِه ..  وذات مُفَاكَهَة بيني وبينَه، ذات مرّة حول "الشِعْر والشُعراء "، قال لي بجدية مرحة «بعد موتي سيُعرفُ شعري»، حين بالغت في الإلحاح عليه كما على كثير من الأصدقاء بالتعجيل بنشر دواوينه وكتبه وكتاباته .

إذا كان اغتيال شكري بلعيد حدثا سياسيا مُربِكًا، فإنه باُلْنِسْبة إلي زيادة على ذلك، حدثًا عَاطفيًا جَارحًا، لا يَعْني هذِه اُلْمَرًة ، هَذِهِ اُلْعَائِلة اُلْسيَاسيَة أوْ تِلْكَ وإنَمَا يَعْنِي اُلْثَوْرَةَ وتونس: يعني الثورة التي لم تُحَقِقْ مَحْلومًا به واحِدا فقط، وهو اُلْكَرامَة التِي تُهْدر لَدى اُلْتُونسيين جميعًا بصيغ مُختلفة، على أيْدي تُونِسيًة ونسيت أنها تُونسيًة  ولم يسْلم لا  اُلْفَاعِلُ اُلْهَادِرُ للكرامة "فاعل اُلْسُوء اُلْدَموي " في هذا البَلد ولاَ اُلْمَفُعُولُ بِهِ : ضحيته.

 "ليس من مات فاستراح بميتٍ
v  إنَما اُلْميِتُ ميتُ الأحْيَاء"
v 
المنجز الوحيد والأكيد هو أن الشعب بتلويناته المختلفة قد فقد اُلْبَوصلة والصبر والوعود الفيّاضة الكَاذبة  والمكذوبة كما "حَمْل كَاذِبٍ"
و التي بغياب تحقيقها، لم يعد ثمّة ثقة في هذا الحزب أو ذاك من الذين يمسكون بدواليب السلطة السياسية.                               

إن الاحتكام الى اللّه أو «فكرة اللّه» و«التقوى» والاستلاف من السلف الصالح لم يعد يقنع الجياع والجائعات والمجروحين والمجروحات.
إن هذا الشعب المنكوب في ثورته والمغدور بتاريخه، لم يعد يصدق فائض الخطابات حول الاصلاحات الادارية والجبائية حتى أن تغييرا وزاريا يتخذ له طابع المسلسل التركي، والأخطر من ذلك كله، هو اليأس في الشارع.

وحدث اغتيال شكري بلعيد وبهذا الشكل الجبان والمهين للذات التونسية، ولزمن الثورة التونسية، وللمحلوم به شبابيا في تونس أكبر علامة وأصدق دليل على فشلنا الجماعي على المستوى الثقافي والسياسي والاجتماعي بتفصيلات مختلفة.

 "ليس من مات فاستراح بميتٍ
v  إنَما اُلْميِتُ ميتُ الأحْيَاء"
v 
لماذا اغتيال شكري بلعيد بالذات؟! لأنه حسب رأيي أسمى رمز فاعل لكتلة سياسية تنتصر حقا وحقيقة للفقيرات والفقراء والمشرّدين والمشرّدات، كتلة سياسية من شأنها أن تبرك الذين يريدون تأبيد بقائهم في الكراسي وأقصد تحديدا حزب النهضة ـ الذي توسّمت في قادته بحكم العمر والمحنة والسجن أن يكونوا أكثر حكمة ورأفة بهذا الشعب وأقلّ جشعا وتكالبا على الكراسي أصل كل المآسي.

إن المناضل القائد الشهيد شكري بلعيد وإن فجع فيه أصدقاؤه وعائلته و وفلذتي كبده وزوجته ، فإن فاجعة الوطن فيه أكبر وأكبر.
دون  مبالغة، إنه لمن النادر أن نجد قائدا ومناضلا سياسيا وحقوقيا في مستوى ما يتوفر عليه  "شكري "من صِدْقٍ وصَراحَةِ جَارحَة ووضوح جارح.
هل انَ اُلْوُضوح اُلْجَارِحَ واُلْصَراحَةَ اُلْجَارِحَةَ فِي زمن تُونس اُلْثَورَة تُــعْمِي اُلْخصُوم السياسيين
v  ( لا أقٌول الأعْداء ) فتنُوب لديْهم اُلنَارُ وأدوات النار  مُحَاورة الأفْــــكَار ؟!

 "ليس مَنْ مَاتَ فاسْتَراحَ بِمَيِـــتٍ
v  إنَمَا اُلْميِتُ مَـــيتُ اُلْأحْيَاء"
v 
إن من اغْتال شكري – وهو أمْرٌ أكيدُ عنْدَه وعاجِلٌ _  يُريدُ أنْ يُرْسِلَ بِمَكْتُوب دَمَوي إلى "الجَـــميع"، جميع من لا يرومون الانْضِبَاط للحزب اُلْواحِد، وللفكرة الواحِدة وللرأي الواحد فيُخْلطون- كمَا أخْلَطَ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ _ بفِعْل تراكم تاريخي وإرث حضاري ثقيل  بين اُلْشرك باُلْمَعْنَى اُلْدينِي وبيْن اُلْمُشَاركَة باُلْمَعْنَى اُلْسيَاسِي. لقد كان شكري بلعيد مُحَاورا كِبيرا دون أن يكون مُنَاورا صَغيرًا كَمَا يُريــدُ لَهُ بعض اُلْخَلْقٍ  أنْ يَكُونَ.

اُلْيَوم وقَدْ فُتِحَ باب الاغْتيالات اُلْسيَاسيَة وإنْ كان قَد شرّع من قبل أخْشى أنْ لاَ أحَدا مِنَ اُلْتونسيين يملك مفاتيح غلقه، مهْمَا أوتيَ مِنْ حِكْمَة  وهَو مَا يَـــزيدُ في حُزنــي عَلى دم شُكْري اُلْشَهيد وعلى  اُلْوطَنِ وعلى تاريخِه وان لم يكن ملائكيا  وصُورة التُونِسي تحْديدا عنْدمَا يجتمع بنَفْسِهِ ويَخْلو بِهَا : هل تمّ الاقتْصاد في الدّم بعد الثورة أم التَبْذيرُ فيه ؟.. هل تمّ الاقتصاد في السّرقة بعد الثورة أم راجَت سوقها ؟.. هل حقّقنا التوازن الجهوي بعد الثورة أمْ استَفْحَلتِ الفَوارقُ ؟..
هل أصبحنا نحترم أنفسنا أكثر من ذي قبل أم أن فائض العنف والخوف من المجهول هو الذي يلفّ ويلتفّ على رقبة التونسيين حاكمين ومَحْكُومينَ؟!

 "ليس مَنْ مَاتَ فاسْتَراحَ بِمَيِـــتٍ
v  إنَمَا اُلْميِتُ مَـــيتُ اُلْأحْيَاء"
v 
يبقى اُغتْيال اُلْمُنَاضِل اُلْشاب واُلْجَسُور، أعنَف رسالة مُمْكِنة من قبَل المَاسِكين بالسُلْطَة، واُلْمُتوثّبين للمُداومَة واُلْديْمُومَة فِيها بغفلة تاريخية قاتلة عن الحِكْمة اُلْقَديمة واُلْبَسيطَة والعَميِقَة «لو دامتْ لغيركم لمَا وصلتْ إليْكُم» .


 "ليسْ منْ مَاتَ فاسْتراحَ بِميتٍ
v  إنَما اُلْميِتُ مَيتُ الأحْيَاء"
v 
لقد كتبت ذات يوم «كم من جرعة يمكن لتونس الوطن أن تتحمّل من التجمع الدستوري الديمقراطي» وها إني أحيّنها هذه اُلْجُمْلة «كم من جُرْعَة من اُلْعُنْف لتُونس الثَورَة أنْ تتَحمّل» والرسالة موجّهة الى «النًهْضَة" .الشهيد الوطنِي  اٌلْمُنَاضل اُلْشًاب اُلْجَسُور اُلْعَنِــيد في اُلْحَق دفَاعًا عَنِ اُلْــحَقِ .. اُلْشَاعر اُلْشَفَاف  سَريع اُلْدَمْع وخفقان اُلْقلْب مَع اُلْفَقِيراتِ واُلْفُقَراء .. واُلْمَجْرحِينَ واُلْمَجْروحَاتِ  مِنْ "بني وطَنَي ". يبقى شُكْري بلعيد  ويَبْقَى أقيونَة اُلْثَورة اُلتُونسيَة حَينَ كَان .. وبوْصَلتُها ومِحْرارها الآن... عنْد هَذا اُلْمُنعطف اُلْعَاطِفِي اُلْخَطــــير..(مَا اُلْسِيَاسَة دُونَ عَواطِــف شحِيحَةٍ أو جياشة ..؟)
يا للسياسة عندنا: اذا نَحْنُ لــمْ نَــهْتَم بِـهَا عاقبتنا بقَسْوة وبحذق ناعِمٍ أحْيَانًا  وانْ نَحْنُ لـمْ تَهْتَم بها" عاقبتْنَا بأشدَ قَسْوَةٍ مُمْكِنَةٍ عَلى رأي اُلْحَكيم  "آلآن " .
v   
v   
v  "وإن غابتْ عيْني  في مَدَى اُلْكَونِ تبْقَى
v  تُــونس اُلْبَاقيَةُ فِـي "أنَيْسَان اُلْعَــــيْن"
كأني أسْمَعُه..وأسْمَعُــهُ الآن يُـــنشِدُني " شذرات عُدي بن الرعْلاء الغَساني *

 "ليْسَ مــنْ ماتَ فاسْتَــراحَ بِمَــيٍتٍ
إنمَا اُلْميِتُ ميِتُ الأحْيَـــاء
 إنًمَــا اُلْميتُ منْ يـــعيـــش ذليلاً
سيئًا بَالُـــهُ قليلُ الـــرجَاءٍ"
v                                            
v     وهل يموت الشَهيدُ  مَنْ  تَظل أحْرف اسْمهِ فِي ذاكرة الشَعب  وسائر الشعُوب  مَهْرجَانًا وعيدًا ومن ألمه يُولد الأمَل من جَديدٍ ؟
v     رحم الله شهيدَ اُلْكَلِمَة اٌلْحُرة واَلْوطَنِ  شُكري  بلْعيد وكُل اُلْشهيداتِ والشُهَداء وكَفَى سفْكًا جَبَاناً للدِمَاءْ

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث