lundi 10 décembre 2012

رسالة الى شقيق ورد تونسي.أو أي شئ كهذا ...

 


مَا مَعْنَى أنْ ينُوبَك نائبٌ لم تُنَوّبْهُ حقيقةً ليختار لك  رئيسا  عوضا عنك يتَروَّسَ عليك؟ 


كمن يستأذنك ليُنجب لك أنت  ولدا  من زوجتك  أنت   وعِوضا عنك   في

" الحلال  الديمقراطي "  



 شقيقي التونسي الجميل   اعْذر جهلي بمقاسات "جمهوريتك الثانية"  .. المحلومِ  بها...شرعيّا وشعريّا ...
لكنّي أدرك أن لا أحدَ من الأحزاب السياسية في تونس المريضة بأحزابها  على استعدادٍ لتَحَمّل النّقد  والنّقد الذاتي لا "اليمينية السلفيّة" و"لا السلفيّة الدينية" ولا "السلفيّة اليساريّة" ولا "السلفية القوميّة" و"لا السلفيّة الايكولوجية"  ولا السلفيّة الحداثوية " ولا "السلفيّة العولمية " لان شعبنا وبفعل ثِقَل التاريخ...  شعبُ تَمَرُّد وعصيان لَحْضي " شعب فُك علــيًّ... يـِـزِّي فُـُـك  " وليس شعب" ثورات"  منظمة مُخططٌ لها  بوعي تاريخي واقتدار معرفي مُركًبٍ  قادرٍ على رَصْدِ الثّابت والمُتَحوِّل في الكُلِّ الحضاري الاجتماعي الصَّلْب منه والهـشّ   تُــراعي" مصلحة الشأن العام والأمر العمومي  المحلّي والكوني " هذه المُتَوَالِيات من الغفلات المعرفية  وسَطوة السياسي السّطحي على الوعي التونسي تُفسِّر عودة المكبوت الجهوي  زَمنَ الأزَمات    والتّنافي المشترك بين التونسيين إجمالا  باسم هوِيّات طارئة وأخرى كانت لابدة في البُنى السرّيَة للاّوعي

     شقيقي الحُر:                                                                                 


إني أشكُّ ,في كَوْن فكرة الدّولة  بما  هي فكرةٌ ناظمةٌ وإطارُ إسنادٍ جماعي جامعٍ للشّتاَتِ الجهوي  قد ترسّخَــت  .... لدى  النّخب   الثقافية.... والسياسية  : سلطة ومعارضة  . مُعارضة   مُوالية...ومعارضة مُوازية  ناهيك عن المعارضة التي لا تؤمن بفكرة الدّولة أصلا . أخشى ما أخشاه أن يكونَ الجميعُ عينُهم على قصر قرطاج... ولا  شيء غير قصر قرطاج.. وبكل " الشرعيات الإغتصابيَة  المُمْكنة   دون الشرعية الحقيقية؟ شرعية "الإرادة العامة " . وإلا ما معنى أن ينُوبَك نائبٌ لم تُنًــــــــوِّبْه حقيقة ليختار لك وعوضا عنك رئيسا يَتَروَّسَ عليك ..

.أين إرادة الشعب   الحقيقية ؟.  الشعب الماشي على الأرض وليس الشعب الافتراضي الذي يقيم في جمهورية افتراضية؟


شقيقي الموجوع من الظلم :

إن  من  يخاطبك  أيها التونسي الحر "كاتب حر" كما يحْلم أن  يكون .  ساهم كما قالت صحيفة تونسية موالية للنظام الحاكم   و "المحكوم به  في الرّقاب " كما أرغب أن  أُسمِّيه ، ساهم مع أحرار كُتّابِ تونس  في الإطاحة بالحكومة ما قبل النوفمبريّة  بقلمه... وكاد يدفع حياته  ثمنا لكتاباته   غير مَأسوفٍ عليه   ولا يزال... ولم تكن " شهادة الاعتراف " التي أسندتها لنا تلك الصّحيفة وبكل ذلك الكرم بريئة "لوجه الله "أو "لوجه الوطن" وإنما هي  لغاية تكذيبِ و تسفيهِ الوزير الفيلسوف البورقيبي الفارِّ إلى فرنسا  والذي كان قد رأى فيه السيد أبو يعرب المرزوقي كتابة ّ" الفيلسوف المُرتقب "ـ يا للتاريخ ـ  تكذيبه حين زعم في حوار مع وسيلة إعلام فرنسية  " أن كل مثقّفي تونس معه "  فأخذت هذه "الجريدة "التونسية  تبحث عن الأقلام التي كتبتْ صراحة ضد ذلك " الوزير الفيلسوف "   والذي كان يُعَــرِّفُ الانْــفتاح  السياسي بأنه " انفتاح الحزب على ذاته " يعني أنّ من ليس حزبيا ليس تونسيا . يا لعار" فلاسفة تونس" . وفعلا كنت قد كتبتُ ضد ذلك الوزير وهو في أوْج عُنْفوانه الإيديولوجي وعَفَن حزبه السياسي وبالتحديد  حين أعْمَلَ لسانه في رجال التعليم وفي "الإتحاد العام التونسي للشغل "ـ قلعتنا  العتيدة ـ في خطاب له مُتلفَــز  كتبتُ في جريدة " الرأي التونسية "  حرفيا وتحت عنوان " المثقف والقطيع والنظرة الجنائزية للايدولوجيا " وكان ذلك في شهر أفريل 1985


"المواطنة ـ كما يبدو لي ـ موقف والتزام حضاريّان قبل أن تكون اعترافا بسلطة المَرْجَع الواحد وأسطورة البطل الوحيد الأوحد ...والحزب  الواحد. المواطنة هي النّقيض    الموضوعي لأسطورة الفكرة الواحدة ..والسلطة المعرفية الواحدة . السلطة عندنا تريد أن تحتكر لنفسها الوَقاحَة. أن تَحْتكر ممارسة العنف ...وتوظيف الموت وسلاطة اللسان وتلح السلطة على مراقبة " محترفي الكلام " لترسيخ قناعة      عَدَمِ الكفر بالنعمة "  وفلاحة الدّعاء الدّائم للأمير .الأب. السلطان  بطول العمر .

هذا الطلب" الكريم " يُحَوِّلُ هذا الكائن من " لاموا طن " ليعيش

" كمُتسَــــــاكِن " إذا توفر له السّكن...لأن المُواطَنة تتطلب توفّر أدنى الشروط الحيوانية للبقاء وممارسة الحرية الفكرية ونقد الحاكم.

وباختصار " المثقف " التونسي تأَمُرُه السّلطة هذه الأيّام السّعيدة " أن اخلَعْ   عقلك ."

إن تفاؤل بعض المثقفين التونسيين بعصر الانفتاح والتفتّح وحتى التفّاح والديمقراطية و وصول "الفلسفة إلى الحكم " يمكن المقايسة بين هذا التفاؤل الساذج  وبين المسكّنات والمُنوّمات  من حيث المفعول ذلك أن المُنوّمات تقود إلى تراخي " الوعي " والتّجاوز الوهمي للألم  وشلِّ حركة الفكر والذي يقود حتما إلى الغيبوبة . نعم هذه الحالة بالذات هي التي يقود إليها التفاؤل السّاذج الذي يُنَظّر له أصحاب "الوعي السعيد " من مثقفي تونس ..."  


   وإن كانت الطبَّاخة السياسية النوفمبرية آكلة المثقفين  قد أكلت في ما بعد .فعلا أجمل أبناء وبنات  بلادك التي هي بلادي .
شقيقي في المداد ...والتراب أيها التونسي الحر
ذات  مرة ـ 1989 ـ  طلب منّي زعيم معارضة   مقابلتي وبالفعل قابلته وأخَذَنا النّقاش بعيدا وكان الرّجل على غاية من اللطف معي وأوغل في الإشادة بشجاعتي...وبشغفي بالكتب    وإذا   به   أخذ يصرخ ويقول لي حرفيا "ماذا سأرث عن بن علي؟ أيّة تَرِكَة ...؟ "

وّأخذ يردّدها كما لو انه أمام جمهور ملعب المنزه في مقابلة   كرة قدم أجوار كالتي بين " الترجي" و"الإفريقي "  ...  فقلت   له " يا دكتور أين إرادة الشعب التونسي... ؟  لا أظن أنه سمعني أصْلاً . .. عندها    أدركت تعاسة  السياسة  في بلادنا  سلطة حاكمة ومعارضة صادقة ومكذوبة.وبقيتُ على غاية من الحزن  والألم وضيق الصدر إلى أن التقيت بالشاعر الصديق آدم فتحي وقصصت عليه الواقعة  فخفّف عني ..وقد كان ذلك  سنة 1989 فعلا و في سُــرّة العاصمة التونسية تحديدا  .


المطلوب رأسا  :

 أن لا يتكالب الجميع علي   الرِّئاسَة  . .وان يفكّر الجميع بصوت مرتفع ضد كواتم العقل النقدي التاريخي..من أجل  تطوير غنائم الاستقلال التاريخية  وان يتركوا الشأن التونسي شأنا تونسيا دون ألاعيبَ نَرْد سِريّة مع رؤؤس وأذناب "الامبريالية العابرة للقارات "وفق عبارة عزيزة للفلسطيني  الرائع والجسور ادوارد سعيد الذي يحلو لي أن    أسميه " المفكر الأركسترا لي .
شقيقي الحالم  بالحبّ والعدل  والحريّة وبحدائق الجمال الوارفة . هل من سبيل الصدفة الخالصة أن لا  يتحدث  السياسيون عندنا عن " الحب " و" الجمال " و" الصداقة " ...وإنْ فعلوا فذلك من باب الكِياسة والاستعمال   الشّفوي   للكلمات. " وان هي أسماء سمَّيْتُموها أنتم وآباؤكم "   " كما " الديمقراطية " و" حقوق   الإنسان "و" العدالة الانتقالية " كما تسمية سَلْخانة الجُيوب والجُلود والتي هي " شركة الكهرباء والغاز " ينْعتونها   " بالشركة الوطنية . وهي تُعَيِـّـفُ الواحد في وطنه    . كما الأمر بالنسبة للانتخابات الرئاسية وطبيعة نظام الحكم  ما معني أن  ينُوبَك نائب لم تٌنوِّبْهُ "حقيقة " ليختار لك  رئيسا  عوضا  عنك يتَروَّسَ عليك؟  معناه أنك  بهيم لا تفهم ..وان كان للبهائم غريزتها للدفاع عن نفسها .  إن من يطلب منك أن ينوبَك في اختيار رئيس دولتك هو كمن يطلب منك أن تخلع عقلك عند نعاله .. أو كمن يستأذنك ليُنجب لك  ولدا  من زوجتك أنت   وعوضا عنكَ   في" الحلال الديمقراطي "  


لقد كتبتُ ذاتَ يوم " دافعوا عن عقولكم كما لو كنتم تدافعون عن حصون مدينتكم " ...  وها إني أكتب اليوم واحدة من الأوامر الجمالية والأخلاقية والسياسية  والتي تعود إلى جون جاك روسو :

 " إن من يتنازل عن حريته يتنازل عن جوهر إنسانيته "

v 


" إذا لم تظهر في هذه المرحلة بالذات " كتلة من المثقفين العُضْويين " لتدافِعَ عن استقلالِ العقلِ وليس عن استِقالتِهِ في هذا الظرف الذي يسير فيه المجتمع نحو كارثةٍ لا يمكن تحيد معالمها ...فإن الموتَ سيوزع "بالعدلِ " بين المغضوبِ عليهم سُلطانيا ـ أميريًا "
" سليم دولة : "كتاب ا لجِراحات والمَدارات " الطبعة الثانية  ـ بيروت 1993ـ   .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث