samedi 19 décembre 2015

نَحْنُ مَا صَنَعْنَا بأنْفُسِنَا... ونَصْنَعُ

                                                                                
( أفَاعِـي أفْعَالنَا  تفْعَلُها بنَا إنْ آجِلاً أو عَاجِلا
 ونَحْنُ مَا صَنَعْنَا بأنْفُسِنَا... ونَصْنَعُ )

اشارة الأعمى الحكيم  :
"قال بعض من (عرفتُ) خرجت في الليل لحاجة فاذا أعمى على عاتقه  جرة  وفي يده سراج فلم يزل يمشي حتى  أتى النهر وملأ جرته وانصرف راجعا فقلت يا هذا أنت أعمى والليل والنهار عندك سواء فَلــمَ حملت السراج ؟ فقال يا فضولي حملته لأعمى القلب مثلك يستضيء  به  فلا يعثر بي في الظلمة فيقع عليّ فيكسر جرتي . فكأنه ألقمني الحجر ."  هكذا ورد الأمر في كتاب " أسباب الطرب في نوادر العرب "  فقلت لي : لعلّني أنا الحكيم الأعمى وصاحبه الفضولي ..؟

1

حين تضجّ بي روحي  كما هي  الآن  في هذا الأوان التونسي وأكاد أكره نفسي مما يحدثُ حولي وحِيالي  أنا الذي وطّنتُ نفسي على اقتناص هُنيهات من السّعادات  الصّغيرة بالإنصراف إلى العُزلة و الإنعزال بدُموع  عيون عُقول الرجال من كل المشارب و الجهات  وفي كل الإختصَاصَات  أقصد الكتب وما خطّت أنَاملُ سُلالتى  وسُلالة غيري من كتّاب حَضارات الأكوان . لقد كنت دائما أتسلّى بين الكتاب والكتاب بكتاب وكانت تعنيني ضمن ما يعنيني " خُطب
 الكُتب " وهي " مقدماتها "  و" فواتحها "  زيادة على تأملّ صياغة  عناوينها فأعمل على اجتباء بعض فرائدها كما هو شأني الآن مع كتاب "شجرة الدر"  الذي هو من القرن العاشر للميلاد .وهذه "خطبته"   أستنسخها ليشاركني بعض الخلق الحبري بعض  سعادتي المختلسة من" حكايات الزمن الـمُتصاعب" وفق عبارة وردت كما عنوان مجموعة قصصية لكاتب تونسي غائب وهو الحبيب الحمدوني .
2


  ورد في " خطبة"" كتاب  شجرة الدر " لأبي الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي النحوي ( توفي 351 للهجرة ) :" هذا كتاب ( مداخلة الكلام بالمعاني المختلفة )  سميناه شجرة الدر لأننا ترجمنا كل باب منه بشجرة وجعلنا لها فروعا فكل شجرة مائة كلمة أصلها كلمة واحدة تتضمن من الشواهد عشرة أبيات من الشعر وكل فرع عشر كلمات فيها من الشواهد بيتان الا شجرة ختمنا بها الكتاب لا فرع لها . ولا شاهد فيها عدد كلماتها خمسمائة كلمة أصلها كلمة واحدة وفي أخرها بيت واحد من الشعر .وانما سمينا الباب من أبواب هذا الكتاب شجرة لإشتجار بعض كلماته ببعض أي تداخلها  وكل شيء تداخل بعضه  في بعض فقد تشاجر  ومنه سميت الشجرة شجرة لتداخل بعض فروعها  في بعض ومنه سمي مِشْجب الثياب مِشجرا وكذلك الشّجار وهي عِصي تُـجْمع كالـمِحفّة ( مركب  كالهودج)  تـكون مركبا للنساء) ويقال

 تشاجر  القوم بالرماح و اشتجروا بها  إذا تطاعنوا بها لما في ذلك من المداخلة وم وشجر بين القوم الكلام واشتجر من ذلك  وقد اشْتَجروا وتشاجروا وفي القرآن " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ". فذا الوجه الذي ذهبنا إليه وهو واضح وبالله التوفيق ."  
3
اشارات من " شجرة الدُر في تداخل الكلام بالمعاني المختلفة "

1
" اُلْـحَاجُ ضرْبٌ من اُلْشّوْكِ ."
2
" العاتق الجارية البِكْر والجارية السّفينة من سُفن البحر والبحر الماء الملْح والملْح العَهْد والعهْد العقْد بين القوم والعقد الحساب والعطاء الجَزْلُ والجزْل الرجل الحازِمُ في الأمور واُلْـحازِم الذي يَشدّ حِزام فرسه والحِزامُ مَصدر حازمتَ الرّجل إذا تَباريتما أيّكما أحْزم"
3
" الوحـــيُ:   المكتوبُ والمكتوبُ المسرود خَرزا   و المسرودُ : المنظوم نظما "
4
 " الثمرة : حبّ القلب  والحب اناء من الجرّ  والجرّ سفح الجبل والسّفح الإراقة والاراقة أكل الطعام بغير  إدام " 
5
"حبُّ القلْب " يقال فلان خصني بثمرة قلبه : يعني بمودته . الحُبّ  الجرة الضخمة . الحبّ الخابية .والحُب أيضا الخشبات الأربع التى توضع عليها الجرّة ذات العروتيْن . والكرامة : هي الغِطاء الذي يوضع فوق تلك الجرّة من خشب كان أو غيره .ومنه عبارة : "حبا وكرامة" بمعنى ( الزّير وغْطاؤه )
6
" الخيال : أثر يبدو لك ولا يكاد يبين بينونة .."
7
"  الإطعام : الرزق من الصيد و  الصيد أخْذك الشيء بلينٍ ..."
8
" الذّهَبُ : زوال العقْل من النّظر الى المعْدِن"
9
" الخاثر : المتبعثر النفس والمتبعثر : المتبدد والمتبدد : المفرج بين فخذيه والفخذ دون  القبيلة من العرب والعرَبُ فسادُ الجوْف .والجوف مصدر جافت الضربة إذا أوْغلت في الدّماغ وجاف الشيء  إذا تغيرت ريحه ..."
10
" العينُ الذي يصيب الناس بعينه يقال عانه وأعانه .."
11
" شاعة الرجل أي امرأته . والشاعة جمع شائع وهو الظاهر ..والظاهر الخارج الى البادية والبادية ساكنة البدْو و الـبدوُ الظّهور .."

4
ودّعت   أرض " شجرة الدر "   وبقي في ذهني صدى بعض الكلمات التي أعادتني   إلى حالي وأحوال  بعض من الخلق في بلادي فقلت يا لَصدى الكلمات  :
"المغلوب الـمُصاب بـِعقله . يقال غُلب على عَـقله  .  والعقْل الشدّ بالعِقال " .ودّعت أرض  " المغلوبين والمصابين في عقولهم "  ومددت يدي إلى أقرب متن أخر لأسْرح بين صفحاته  علني أسرّح خيالي   وإذا  بي أقع وقعة الطائر الذي " يختفي ليموت "  على طريقته وحتف أنفه  بين صفحات

 " نسمات الأسحار  في  مناقب وكرامات الأولياء الأخيار " للإمام  الهــيتي  المعروف بالشيخ علوان  ( توفي 936 ه ) الواقعة السردية التالية  ورد في ( صفحة 14 _ 15):
 " ما أغوص _ فكر الإمام الجويني  أستاذ الغزالي _  وما أدقّ نظره  وليس بعجيب  من مثل هذا الإمام (...) فإن هذا ( الإمام )  ثمرة أكل الحلال ونتيجة الورع فإنا رُوينا _ (وحُكي) لنا أنّ والده (..) لما احتاج الى النكاح  (الزواج) أخذ يكتب بيده  طلبا  للكسب الحلال إلى أن جمع ثمن جارية فاشتراها وتسرّى بها فقدر الله (...) أن حملت بهذا الإمام ( الجويني )  الدر الثمين فكان والده رحمه الله (...) لما أحسّ بالحمل _ حمل جاريته _   لا يطعمها إلا حلالا من كسب يده  ولا يمكنها أن تأكل من طعام غيره إلى أن وضعت ثمّ  مدّة الرضاع  حتى أنه حُكي لنَا أن أمّ أبي المعالي الجويني ذهبت ذات مرة تقضي لها شغلا وكان رضي الله عنه يبكي في غيبتها  فأشفقت عليه امرأة في من جيرانها فأرضعته  فجاء والده فوجدها ترضعه فلما خرجت أدخل إصبعه في فمه فقاء ما وضعه منها( من اللبن )  وانما فعل ذلك خوفا من الشبهة في اللبن  وكأنه بقي في بطنه شيء من  ذلك اللبن فكان رضي الله عنه بعد ذلك يقف في أثناء البحث (...) فسُئِـل عن ذلك ؟ فقال هذا تأثير بقية ذالك اللّبن الذي رضَعْته فلا حوْل ولا  قوّة  الا بالله العلي العظيم .إنا لله وإنا إليه راجعون من أحوالنا إنها أهْوى لنا من أفعالنا إنها أفعى لنا ..."

5
حين انتهت الواقعة السردية وجدتني كما الصارخ بين  الجدران : رفقا بعقولنا " يا شيخ الآفاق " لماذا نحن دائما نرجع أسباب عجزنا وضعفنا ووهننا ... إلى سوانا إذ الكل الحضاري  العربي الإسلامي  يبحث عن  مبررات عُنفه وجهله وسفكه للدماء " في لبن الجّارة " التى أشفقت على الطفل الباكي كما في حكاية شيخ  شيخ " حجة الإسلام " .  الكل يمجد "ثمرة أكل الحلال" ... غير أنه يبدو أن أغلب الكل   في " سوق   الإيمان
و"سُوبار ماكرتْ  الأَديان "  لا يستطيب غير أكل ثمرة الشّجرة " الحرام " . وهل ثمة من حرام أكبر من بيع الأوطان يا أولاد  " الورع"    وكيمياء  الحلال . ..؟ أليست
أفَاعِـي أفْعَالنَا هي التي   تفْعَلُها هي  ا إنْ آجِلاً أو عَاجِلا
  ونَحْنُ مَا صَنَعْنَا بأنْفُسِنَا... ونَصْنَعُ ؟



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث