samedi 6 septembre 2014

رائعة هي "أحلام اليونان" ... حزينٌ هو قلبي وراقصٌ 1


رائعة هي "أحلام اليونان" ... حزينٌ هو قلبي وراقصٌ
تخفّف عاشق من عَقل
فجأة تخفّف صَاحبه من الثّياب الأيام 
 


إلى روح فوزي رواشــد

"فجأة
....
تخفّف عاشقٌ من عقله
فجأة تخفّف صاحبُه
من الثياب
يَعْدو بين الخلق
ذاتَ.. سوق !
(...)
تخفّفتُ أنا منّي ذات شوْق
هذا الذي ترَوْنهُ، سَاهمًا في
عين الشّمْس..
صَاحبي و بوْصَلتي
أضاع البوْصلة!
ادفعوا كُسوة عُرسه / السوداء/ 
حبيبته / تائهة
تطلبُ كتابَ الغيابْ 
أتاني نَعيُه البارحة
أنا صورته
وصوته يُناديني
إلى الفجاج البعيدة 
عند مَفاوز 
العاشقات
والسّادة
العشاق"
لم تصدّقْ أحلام اليونان ما عثرتْ عليه في خزانة كانت خالتها المهاجرة إلى كندا ربّما منذ سنوات قد سعت إلى التكتّم عليها بكل التّدابير الاحتياطيّة المُمْكنة لئلا يطّلع عليها إنس ولا جان
ما هذه اللّفافات من الرّسائل و الأوراق المُصْفرَّة.؟
لماذا كل ذلك الحذر الذي كانت "عزيزتها الغالية" تتحصّنُ به لئلاّ يطّلِع أيّ كان على ما كانت تذْكر أحلام اليونان أن خالتها كانت تسمّيه "غنائم الأيّام" تقصدُ الخالة الغائبة "شُكران" غنائم أيّامها هي.. تلك التي تعتبرها هي ـ بينها وبين نفسها ـ في أحسن الحالات مُسوخ أيّامها التونسية التي لا تستحقُّ غير المِمْحاة
"العُمر مِسبحَة
والسّنوات
حبّات"
هكذا كتبتْ في ما تذكرُ أحلام اليُونان خالتها شُكران الرّائق على ما يشبه المُعلّقة في غُرفة نومها عند الطابق السّفلي من منزلهم الفاخر عند شاطئ المرسى عند الضاحية الشمالية لتونس العاصمة
لأذهبَ في الاكتشاف إلى مداه الأقصى، قالت أحلام اليونان: إنّي أحسّ بأنّ الأمر فيه أكثر من "إن ّ"
أشياء عنيفة ولذيذة تدْفعني إلى اقتحام المُستغلق من حياة العزيزة الغالية الغائبة
هكذا قالت أحلام اليونان لنفسها وهي تُسرّح شعرها بأناملها النّاعمة وتشردُ بخيالها إلى السّنوات الخوالي... تلك السنوات وخاصة تلك الليالي التي كانت تمضيها صُحبة الخالة التي يصفها الجميع: بالمجنونة الجميلة مجنونة العائلة 
لماذا لا بدّ لكل عائلة من مجنون أو مجنونة؟ ما معنى أن يكون الإنسان مجنونا؟ ما الجنون أصلا؟ تذكرتْ أحلام اليونان ذلك الكُتيّب الذي كانت خالتها الرائعة الجميلة المجنونة بالقوّة والفِعْل المتمرّدة الفاتنة شكران الرائق تُصرّ على أكله لليال طوالَ قبل نومها وتنقطع بين الحين والآخر عن القراءة لتُدوّن بعض الجُمل في دفترها الأسود.. ثم تعمل على ترجمة ما اختارت من "الاقوال المنتزَعة". تحاول أحلام اليونان أن تتذكّر عنوان ذلك الكُتيّب والذي لم يكن كبير الحجم، ذلك أن الخالة الغالية الغائبة كانت تضعه في حقيبة يد ها البنيّة
-هل أفتح؟ هل أفتح تلك الخزانة الأخرى؟ لا! هل كنت قد عرفتُ ما في تلك الأوراق المرتّبة بعناية هي غريبة فعلا عن تدابير الخالة الغالية الغائبة كما كانت تردّد أحلام اليونان بينها وبين نفسها 
أليس فعل خيانة هذا الذي سأقدم عليه الآن.؟
ماذا في هذه الأوراق؟ وما يعنيني أنا؟ إنّ خالتي الجميلة والمجنونة فوضوية إلى الحدّ الذي يُتلِفُ أعصاب أمي فائقة 
وحتّى عزيزة المُعينة سمعتها أكثر من مرّة تقول عنها همْسا إنّها "زرّيعة إبليس!" وإنها تتمنّى لها "بوعَالق يَهزّها"، " لاَ حرّك الله لها سريرا" وهو أخْطر دُعَاءٍ يمْكن أن يُدعى به على أنثى وسرعان ما تستدرك عمتي عزيزة الشغّالة فتطلب من الله أن يُسامح شُكران علي تلويث غرفتها برائحة الدّخان وهي المريضة بضيق التنفّس وضعف الحال وضيق الجيْب أخطر الأمراض حسب الحكيمة الشغّالة عزيزة، كما تَطلب وتُطنب في طلب الغفران لنفسها الأمّارة بشتم الخلق حين ضيق جيبها، حين ضيق تنفسّها.
أيّ قرف هو الفقر؟ "ملعونة هي الفلوس التي تجعل من البَعاصيصْ رؤوسا"
تاهت أحلام اليونان في ما تتذكرُ من كلام الفيلسوفة عزيزة كما كانت تناديها شُكران الرائق، حين تكون مساوية لِلَقبها. . رائقة المزاج قد اسْتاكت ببعض كؤوس عطر البسباس المُعدّل للمزاج والمُزيل للأرق... ومنْ تعَب الأوْراق .
عزيزة لم يكن اسمها عزيزة حين قدمت إلى العاصمة من تلك الدّشرة البعيدة، كان اسمها "امْبيريكة" وهو تصغير لمَبروكة، حتى أن الخالة شُكران كانت تطلق عليها "أمريكا" ! أمريكا اعطيني قهوة ...
أمريكا القليل من السكّر
أمريكا "قافلة تسير" لا أحبّها، ابعدي عني الرّاديو
أمريكا تقْتلني رائحة البخور
أمريكا يعطيك الله نحّاية"
هذا قبل أن يستقرّ اسم "إمْبيريـكَا "على "عزيزة" ويسْقط عنها لقب "مُعيّط" مرّةً واحدة وإلى الأبد
مساكين هم الفقراء، مساكين هم الهبّاشة العمّال والعَاملات .. الشغّالة والشّغالات تسقط عنهم حتى الأسْماء وتُنْتَزعُ منْهم الألقابُ
حتى الأسماء تسقط أمام سلطان الجاه المُزيّف والمال المهبُوش المسْروق من الهبّاشة المساك
كم ستتذكّر أحلام اليونان من الأقوال التي كانت تردّدها الغالية الغائبة هناك في كندا كما تؤكد أخر الأخبار غير المؤكدة هناك في "ريموسوكي"
لم تعرف أًحلام اليونان كيف دخّنت نصف علبة من السجائر وهي تعدو بذاكرتها وخيالاتها في كلّ الاتّجاهات
عادت.. ها هي قد عادت لللعب الخطر واللذيذ مع المجهول الورقي ها هي المُستغلقات قد فُتحت بعد أن كانت قد اقتحمت قلاعها بخيالها أكثر من مرّة - يا ربّ رفقا بهذا القلب ـ
الأوراق صفراء في حجم الارتباك والألم، قشعريرة خفيفة تخترق كامل جسدها
"ليكن.. ليكن" سوف أتصفح كتاب أيام خالتي
"أهلا.. يا بنت يا شكران 
لقد وجدتُني مُرْغَما على السّفر إلى الجنوب وذلك لأمر جلل وأشياء أخرى.. لقد تُوفيّت خالتي.. ولم أرغب أن أخبرك بذلك اقتصادا في النكد الوطني، كما كنت تقولين . لقد أردت اخفاء حقيقة اضطرابي ذلك المساء. قد لا أعود إلى الجامعة رغم حبّي للعلم والمعرفة . لم أعد أتحمّل الذلّ وإن كان من أجل العلم . 
ما قيمة عالم ... طالب عامل شعب أمة ... إنسان مطلق الإنسان بلا شهامة ولا كرامة. ألا ترين الأشجار التي كُسّرت أغْصانها ... ياغاليتي .. ألا ترين الحيونات البرية الكريمة وقد تم تدجينها ..كيف هي حزينة ومُنكسرة لأنها سُلِبتْ حيويّة الحياة وانكسر عندها إيقاع الحياة ... 
......
(ثمّة كلمات غير واضحة)
أرجو أن تكون كل جغرافياتك العاطفية بألف خير. ونشراتك الجويّة على مستوى طقوس القلب وكليماتولوجيا العواطف عموما غير مُتقلّبة.. أكثر من اللزوم أو تكاد 
كما أرجو يا بنت، يا شُكران يا بنت الرّائق أن أمور الدّراسة على ما يرام
توقفت أحلام عن القراءة إذْ لم تفهم بعض الكلمات... وسارعت إلى إلقاء نظرة على خاتمة الرّسالة
ثم واصلت القراءة كما تلميذة مجتهدة
"نحن العرب أمّة في مقام الجارية.. المُمْتهَنة كرامتُها وعزّتها، أمّة درست وضاعت حضارتها لأنّنا فرّطنا في الدّرس، أمّة فقدت معنى كرامتها أو تكاد. منذ فرّطت في التّحصيل العلمي والمعرفي وانصرفت إلى توافه الأمور، العلم، العلم، العلم والتّحصيل المعرفي في كلّ الاتجاهات والاختصاصات.. إنما هو المطلب الوحيد لكنّه ليس الأوحد.
الحريّة 
العدل
الحبّ
الصّداقة
التضامن العاطفي
الانفتاح على الكون بأريحيّة الواثق القادر.. المقتدِر. أقول كلامي وأعرف أنك لسوف تتهمينني بالعرقية والشوفينية والتعصّب لكني كما العادة سوف أشهر في وجهك الصّبوح بعض النّصوص التي تربكك ... كما أربكتني حين اكتشافها  والتي أنا بصدد جمعها تحت عنوان واحد ومؤقت: " التّرياق من الأوْراق " . وسوف أوافيك لاحقا ببعض من فصوله ... الـمُهِـــمّ ... المهمّ
لابدّ يا شكران أن تكون  تلك القيم كليّة الحضور في عقولنا. لئلا نُصاب أكثر فأكثر - يا للكارثة - بفقر الدّم العاطفي و القيمي والوجودي / الأنطولوجي كما تبيّن ذلك بحذق كتابات حكيم "الفلسفة الجوديّة" الفيلسوف الشّهرزادي الرائع أبو جاد مصطفى كمال فرحات الذي عرّفتني أنت على بعض مقالاته.
ليس ثمّة يا بنت ما ومن يمكن التّعويل عليه في هذه القيامة الأرضية كما يحبّ أن يسمّي صديقنا "الكنعاني المغدور" ! كم يحلُو لي أن أقول له حين أكون رائق المزاج ويكون هو في مقام الطافح ... حبا للحياة والرقص والكائنات.. يحلو لي أن أقول له : 
""يا نجمنا الشارد.. يا نجمنا الشارد لا تشرد بك المجازات فتضيعُ بنا في المفاوز امسك لنا البوصلة "
ما من مُعَوَّل عليه في هذي الأرض يا شكران يا بنت الرائق وحتّى في ما يليها غير ذواتنا الفردية وذاتنا الحضارية. لا مُعين يا مجنونة إرازموس .erasme. كم هو رائع فعلا كتاب "إيلوج الجنون" آية في المديح الذكي للأخ المُلازم لأخيه الأبدي" العقل.."
كم فرحت أحلام اليونان حين عرفت عنوان الكُتيّب الذى كانت الغالية الغائبة تُداوم على أكله، كما كان يحلو لها أن تقول وتذكّرت كيف أن أمّها فائقة والتي تسمّيها شكران بالنّاعسة. كانت دائما تصف الخالة الغالية الغائبة "بشرّابة القهوة المُرّة وأكّالة الأوراق" تقصد الكتب
تواصل أحلام اليونان قراءة الرّسالة، ارتاحت نفسها وهجعت مخاوفها، وإن كانت تقاوم أطياف وجع و دُموع وأسراب أطيار حزن على غياب الخالة الغالية دون أن يعرف أيّ واحد من العائلة السّبب الذي من أجله هجّت من البلاد. لقد بدت بقية الرّسالة مضطربة الخط... تواصل القراءة 
....
"إذا لم أعد إلى الجامعة تدبّري أمرك مع صديقنا الرائع / البكّاء حين تتوغّل به العاطفة وهو يقرأ علينا أشعاره. إن سامي عامر العوّادي كائن مفرط الرّهافة غير أنه مُتلِفٌ لنصوصه، احتالي عليه لحفضها مع نصوصنا المشتركة"
(ثمة بعض كلمات غير واضحة في الرسالة)
"يا شكران يا بنت الرائق ثقي أني أحبّك وأحترمك في اختياراتك الذوقية والجمالية وما تعرفين 
إنّي أحبّ أن تكوني أكثر الخلق نجاحا في الكون
لقد شرعت بعد في كتابة رواية وستكون مضمّنة بالكثير من الرسائل للرّفاق والرّفيقات والأصدقاء والصّديقات الحقيقيين والحقيقيّات؛ ومنها رسائل إليك أنت، يا بنت ترابي ووطني وحبري، يا حُبّي السرّي لا تغضبي منّي.. ههه.. ههه.. مزيد من الشكولاطة وسوائل البسباس، لا تستاكي كثيرا منه
كيف أحوال تلك القُطيطة الجميلة أحلام؟ هل مازالت تصرّ على انتعال أحذيتك في غيابك. هل مازلتِ تنشدينها "قالت القردة أنا أجمل من الوردة " 
قولي لها إن "راثم" نعم انطقي اسمي بالثّاء كما كانت هي تفعل، يا لها من زهرة رائعة.. هل مازال الجميع يناديها بأحلام اليونان؟ ماذا يمكن أن يكون علية حال العالم يا شكران لو لم يكن في العالم ثمة أطفال وورد وقطط وكتب وموسيقى وألوان ورقص وأصدقاء وأطيار و روايات وأنت .. هههه هههه 
أنا على يقين بانك سوف تحتجين الآن وترفعين يدك اليسرى الى السماء كما لو أنك أمام حشود الطلبة احتجاجا عليّ لأني لم أذكر روزا لكسنبور ولا سان سيمون ...ولا سيمون دي بوفوار ... ولا "حلقة الشعراء المفقودين" ... نعم ستكونين بلا منازع بطلة حبريه "بالغياب القاني" وفق عبارة شاردة من أشعار سامي! هل تذكرين !؟ 
استعدّي إذن لكلّ المقالب / الحكائيّة / السرديّة زمن هذه "الزَمّة العشقية"، و"البرَدْ العاطفي"!، زمن هذه "القار/guerre" والقِرّة الوجودية...
أخشى عليك أن تحبّي بطل الرواية حيث لا بطل، في الرواية بعد أن يكون قد انتحر حيث لا انتحار.. وهو لا يطلب الغفران من غير مكتبته.. حيث لا مكتبة، التي أودعها أيادي أمينة.. حين لا أيادي أمينة. لا تنسي أني ائتمنتك على قلبي وخنت بشعريتك العالية
إلى اللّقاء، يا بنت / يا شُكران يَا رائِقة بنت الرائق.
صديقك / راسم حالم / محبّاتي على قدْر حبّات وحُبيبات زياتين هذه الأرض..
 
ألقت أحلام بجسدها العامر فوق السرير بعد جلوس طويل، همّت بأن تمضي في اكتشافاتها أحسّت بإرهاق شديد، وشرعت في إعادة قراءة الرسالة بعد أن أخذت تتشمّمها
"فجأة.. تخفّف عاشق من عَقله
فجأة تخفّف صاحبه من ثّياب الأيام
يعدو بين الخلق ذات سوق 
تخففتُ
أنا منّي
ذات
شوق 
حين شَرقت بيَ 
الذاكرة وجمح بصاحِبي 
جواد الخيال"

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث