samedi 9 août 2014

غلبة الحجة أم غلبة القدرة

"غَلَبَةُ اُلْـحـُجّة  أمْ غَلَبَة اُلْقُدْرَةِ " ؟
(وتجتنبُ الأسودُ ورودَ ماءٍ
إذا اُلْكِلابُ ولغَنَ فيــــهِ)

اشارة عن رجاء بن حيوة :
" من لم يُؤاخِ إلاّ منْ لاَ عَـيْب فيه قلَّ صَديقُه ومنْ لمْ يرْض مِنْ صَديقه إلاّ بِالإخْلاص لَهُ دام  سُخْطه ومنْ عَاتَب الإخْوان عَلى كُلّ ذنْــبٍ كَثُر عَدوّهُ "

اشارة عن الأصمعي :
"
من يسْتَعَــنْ بِاُلْــرّفْقِ فِي أمْرِهِ   
يَسْتَخْرج اُلْحَيّةَ مِنْ جُحْرِهَا "

·     
قال لي  السيّد الشّاعِــر وأنا طريح العظام في " مستشفى العزيزة " عزيزة عُثْمَانة " بتونس العاصِمة و بلَهجة لم أتبيّنْ طبيعة نَبْرتِها :
" اسْجُدْ لقِرْدِ السّوءِ فِي زمَانِهِ "
قلت  له  و كأنّني أستعيد صوتي من أعمق قَرارَة  بئْر بَعيد : هل نسيتَ حكمة حكيم الصين : " كلما أوغل قردٌ في تسلق  أَعْلى اُلأشْجار بانت مؤخرته أكثر .. وبالمناسبة كيف هي أحوال  حُميْرات إخوتك المتسلّقين. هل جئتني أولا و آخرا للمواساة أو زحفتَ إلى هنا للتشّفي.. مني   " . قال لي  : " ألْعِن إبليس . نَحْن نُحِبّك . ونريدك حيّا  بيننا . كم نَحْتَاجُك ..." قلت له أولا من هذه
" النّحْن " إنها عنْدي غَامِضَةٌ.ثانيا  "نحبّك " والحبُّ عند العرب حالةٌ من حالات الموت " وها "أنا " فيهَا وأنت صادق هذه المرة .أما أنكم تحتاجوني : فان " الحَاجَةُ _ عند لُغة العَرب _ نوعٌ من الشّجَر لهُ شَوكٌ والجَمْعُ حَاجٌ " وان أنتم في حاجة إلي فأنا بي  مِنْكُم مَا يكْفي للأجيال القادمة من السّلالة .. ولا تتصوّرني على درجة من الحزن والتشاؤم  .. أنا فقط على سلّم القَرف منكم ... لا غير  . هل تذْكر حين ذكرتك بالتاريخ  فضــّاح  سلالة الشر .. وقرود السلطان الذين أنت منهم  وكيف  أشرت باصبعك للتاريخ .. وللذاكرة ... حينها قلتُ لك ثق أن التاريخ سوف يُصْبعـــك ... وتقعد سلالتك نادمة انك قعدت عليه . على إصبع التاريخ
قلت له ثالثا  :  " ابليس أكثر الأشياء الاهيّة  توزْيعًا بالعَدْلِ العَادِلِ بيْن النّاس . يفْعلها الناس بالناس ويوحّلونُها في إبليس التّعيس   ليحوّلوا وجهَة الصّراع  الحقيقــية  بيْنهم عنْ مَداها ومَدارها الفِعلي  للذّهاب بها تَمْويهًا ماكرا إلى أرْض الوَهْم . قلت له رابعا : دعنْا من الحَديث عن إبليس وحكمة الخالق في خلق مَخلوقَاته.. قال لي أعرف أنك تحب حِكَم الأوْراق القَديمَةِ والنّوادِر . لك هذه الحكمة :   
"لا تبْخلْ على نفْسك برأيِ غيْركَ وإنْ كان خاَمِلاً في نَفْسِكَ   قليلاً فِي عَيْنِكَ فانّ الرّأيَ كَالدُّرة اُلْتِي رُبّما وُجِدَتْ فِي اُلْطّريقِ وَفِي المَزْبَلةِ ..." قلت له رحم الله صاحب كتاب " الهوامل و الشوامل".  احتفظ لك بالمزبلة ... وأمطر قلبي  دمعا لأني تذكرت " درتي" صغيرة الوحيدة في الكون وتداخلت عندي الحِقَبُ والأزْمَانُ  وأتاني  من خلْف سُحب القُرون صوت خالد الكاتب الشاعر يردّد من بغداد :
" ورّقت دمـــوعُ العيْن حتّى كأنّها
 دُموعُ دُموعي لا دُموعُ جُــفوني "
 ثم عدت بعد ذهولي وغيبتي إلى صاحبي السيد الشاعر وإلى مستشفى عزيزة عثمانة  . قلت له كم كان صاحبنا الأصْمعي صادقا في نُصْحِه ... بِحِكْمَة الرّفْــق والمُــلاَينَة :"
من يسْتَعَــنْ بِاُلْــرّفْقِ فِي أمْرِهِ
يَسْتَخْرج اُلْحَيّةَ مِنْ جُحْرِهَا "
 قال لي : قلْتَهَا أنْت  وقالها الأصْمعي .  هل فَهِمْت الآن لماذا أنا أتقرّب للسطّلة   يا ابن دولة.. "  . قلت له مُلاينًا لقد تذكرت بعضا من سيرة  الساسة في الشدّة واللين
ورد في الأوراق القديمة عن المأمون  قوله
"غلبة الحجة أحب إلي من غلبة القدرة " ثم أخذتني الحكاية .

" قال ثمامة بن أشرس ( المُعْتزلي ) " قال لي المأمون قد عزمت على تقريع عمّي ابراهيم فحضرتُ فَجِـــئَ بإبراهيم مَغلولا قد تهدّل شعْره على عينيْه فسلّم فقال لهُ المأمون : لا سلّم الله عليك .أكُفْرا بالنّعْمَة وخُروجًا عليَّ؟ فقال يا أمير المؤمنين إنّ القدرة تُــذْهِبُ الحَفيظَة ومن مُدّ لَه في الإغْترار هَجَمَتْ بِه الأناةُ على التّـلَف (...) فان تُعاقب فبِحقّك وإنْ تعــفو فبِفَضْلك فَقال لهُ المأمون إنّ هذين_ يعني ابنه العبّاس والمُعتصم _ يشيران عليَّ بقتلك . فقال إبراهيم: أشارا عليك بما يُشار به على مِثلك في مِثْلي والمُلْكُ عَـــــقَيمٌ ( ...) وأنا عمّك والعَم صِنْو الأب وبَكَى .فتَغَرْغَرتْ عينَا المَأْمُون وقال: خلُّوا عَن عمّي .ثم أحْضره ونَادَمَه ومَازال بِه حتّى ضُرب لَه العُــود... "
وقبل أن أحكى للسيد الشاعر ما مرّ بذاكرتي السردية من تكرار تاريخ العنف السياسي العربي الإسلامي والعالمي الفضيع والمريع كما حدث لأبي مسلم الخرساني مع منصور العباسي  الذي حولوه الى " أبي مجرم الخرساني " همس لي  في أدني السيد الشاعر:  إن " نُون "  التونسية التي توهمّتُ أني أحبها  هي من أرسلت الورد
و تطلب زيارتي في المستشفى  غدا . خرج السيد الشاعر ولم أجب وحطت بي ذاكرتي العاطفية والشعرية عند أبيات مجهولة النسب وردت في كتاب " حياة الحيوان الكبرى" للدُّميري . قلت لي ضاحكا: ان فاتني أن لا بيت لي ولا لكتبي في الوطن فان لي في الشعر أبيات وبيوت خالدات  وانّ كل الشّواعر و الشعراء في الأكوان أخواتي و إخوتي وانْ اشتطّت بنا المسافات.  رفقا بالساسة والأثرياء  الذين عندنا  هم إخوتنا الفقراء حقا و المساكين .
" وأترك حبّها من غيْر بغضٍ
وذاك لكثرة الشّركَاء فيــــه
إذا وقع الذُّباب على طعَامٍ
رفعتُ يدي  ونفْسي تَشتهيه
وتجتنبُ الأسودُ ورودَ ماءٍ
إذا الكلاب ولغَنَ فيــــهِ"Haut du formulaireBas du formulaire
ليس صدفة أن تكون الذاكرة أنثى ... والنسيان حكاية أخرى ,
النساء  كما كما الرجال كما الكتب : ثمة كتب لا نمــلُّ من تصفحها بعد قراءة مئات المرات ما ورد في حواشيها ومتنها وثمة كتب نملّ من مجرد التفكير في عناويـنها ويُــصيبنا القَرفُ المبرحُ من مـجرّد تذكّــر ما احتواه منها الفهرس. لقد أنساني السيد الشّاعر بعض أوْجاعي رغم كل شيء . نسيت الحديث عن اغتيال " الخراساني " ربما لكثرة أخبار الموت  والقتل و اُلإغتيالات   جملة وبالتقسيط . ما أقوى قلوبنا كيف نعيش اغتيال الفلسطينيين من  قِبل  الإسرائيليين ...  ولم نجنّ و لم نمت   وما يحصل في دارنا ...؟  كيف لم أصْفح عن   السيد الشاعر حين زارني في محنتي . كم أحتاج شخصيا إلى شجاعة التسامح التي تعوزني أحيانا .. أخذتُ حين هذا الحين أقلب سجلات ثقافة العنف والقسوة اللاّبدة وليبدو العنف والضغينة  في لاوعينا الثقافي والسياسي والعاطفني ضد بعضنا البعض أمّة وبشرا ووطنا   
ورد في الأوراق القديمة : " السيئ الخُلق أشقى النّاس به نَفْــسه التي بيْن جنْبَيْهِ هي منه في بلاءٍ ثم زوجته  ثم ولده حتى أنه ليدخل بيته وهم في سرور فيسمعون صوته فيْنفرون فَرقا منه وحتى إن دابته ( حماره مثلا )  تـَحيدُ  حين  يرميها بالحجارة وإن كلبَه  حين يـراهُ ينزوي  على الجِدار حتّى أنّ القِطّ يَــفِـــرُّ منْه " كم يعتصرني وعينا الكوراثي  بالزّمن  الذي لا بسير بنا إلا إلى التقهر الحضاري العام   فلا نقدس من  الحياة إلى ما يجرجرنا إلى الممات ونضع لذلك علوما ... ونفتي في ذلك الفتاوى .. ونُــوجد لها " الأحاديث النبوية " ... يا أمة تكذب حتى على الرسول الكريم . أين قيمة الكرم وتكريم الإنسان في " القرآن " . ؟ ورد في المتون الجديدة عن الأوراق القديمة  كما في " المستطرف الجديد "للهادي العلوي  : " في الأربعين بعد المئتين خير أولادكم البنات
 وفي الخمسين خير نسائكم العقيمات .
وفي الستّين يُــغْبطُ الرّجل الذي ليس له أهْل .
وفي السبعين بعد الستين البَلاءُ الـمُبين
 وفي الثمانين السيّف .
 وفي التسعين حلّت لأمتي الرّهبانية
 وفي الثلاثمئة  نِـــعْمَ البيت القَـــبْر " .
·     
 فهل من ساسَةٍ جَسورين و"علماء"  حقا  عالمين بخطورة  وخطريّة مسألة  التقهقر الحضاري الذي نعيش  محليّا وكونيا  . تذّكرت الأوجاع التي تسْكن  عمودي الفِقري  وثِقل رجلي اليمنى و مُعضلة الغَلبة ."غَلَبَةُ اُلْـحـُجّة  أمْ غَلَبَة اُلْقُدْرَةِ"؟


 سلامٌ.  سلامًا  وصبرا  ووردة .
§  



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث