dimanche 15 juin 2014

بمناسبة  "كأس العالم المقدسة  :" أعلمكم أني لم أعد وطنيا إلا مع الفريق الوطني لكرة القدم دائما  والرأس أحيانا ... "
  • ..
« Comme toute chose ronde,  la balle de foot symbolise l’ incertitude la chance et  l’ avenir »
Peter Hanke  « l’ angoisse du gardien de  but au moment du penalty » Gallimard 1982

·  
" كرة القدم هي الزهرة التي تنبت في الأرض القاحلة "
هكذا كان يردّد المدرب البرازيلي  السابق سانتانا بشهادة صاحب كتاب "الإله الكروي "  فيليب فيلموس  والذي كنت قد قرأته بمتعة فائقة لا تقلّ  متعة عن  متعة  مشاهدة مقابلة  في كرة قدم "لريال مدريد "  او " البارسا " وكان ذلك منذ 2006 و ثمن الكتاب حينها  15أورو  أوروبيا و27 دينار  تونسيا لا غير . أذكر أن الكتاب قد تمّ عرضه  في واجهة مكتبة الكتاب  بشارع بورقيبة وهو يتوسط كتابين اثنين : كان على يمينه شقيق له يحمل عنوان " هل أن الله موجود ؟ " و عن يساره شقيقه الآخر وهو يحمل عنوان
" انطولوجيا كرة القدم " . وحدث سريعا أن طارت بي ذاكرتي الطفولية  الى زمن دراستي الإبتدائية  واجتازت بي الى  مدرسة أحمد دولة   بقصر قفصة  وأوقفتني أنشد أمام معلمي السيد علوان قصيدة الكبير الشاعر العراقي  معروف الرّصافي :
"
قصدوا الرياضة لاعبين وبينهم كرة تُراض بلعبها الأجسامُ
وقفوا لها مشمرين فألقيت فتداولتها منهم الاقدامُ
يتراكضون وراءها في ساحة للسوق معترك بها و صدامٌ
رفسا بأرجلهم تساق وضربها بالكف عند اللاعبين حرامٌ
ارتبكت قليلا وتذكرت ثمانينات القرن الفالت  ورائعة  "بتر هاندكي"   "مخاوف حارس المرمى حين ضربة الجزاء "   واجتازت بي عواطفي إلى حيث لا أقول ..توقفت
وقبل أن أجتاز إلى المكتبة  إختطفت بهاتفي  صورة  للكتاب  وهو يتوسّط ميدان الكتب إذ قررت أن استثمر الصّورة  بيداغوجيا  مع أحفاد سقراط وحفيداته بمعهد بن عروس . لكرة  القدَم  ربٌّ  "إله  معبود" ... وهو مَوضِع إثبات وتأكيد وتوقير. ولكرة القـــدم :
أُنْطولوجيا وتاريخ ثابت وتجمَعُ من العشاق  والمجانين المشغوفين بها حد الهوس أكثر ما تجمع  الديانات  أجمعين ... هي كذلك   بينما " الله . الخالق .. الصانع .. المهيمن العليم  الرحيم .. المتكبر الجبار   القَهار  "   موضع   تساؤل .  أغرتني الفكرة . إجتزت الى المكتبة  بلهفة العاشق و حين تصفّحتُ كتاب "هل أن الله موجود ؟"   وهو بالفرنسية تبيّن  لي أنه لا يزيد عمْقا عن الدّروس التي يقدمها أساتذة الفلسفة في تونس   لتلامذتهم ... وكتاب "أنطولوجيا كرة القدم "  إنما  هو تأريخ و كرونولوجيا لكأس العالم  يهُمني غير أن  جيبي  الحبيب قد راوغَنِي كما في العديد من المرّات   و لم يكن  ليسعفني فتركني في التسلّل فطويت سجلّ خيبتي وفتحت " إنْجيل " " الاله الكروي"   وأخذت أقلّب صفحاته كيفما  إتّفــقَ فَكانت الصفحة 136 مغرية  إذ ورد فيها ضمن ما ورد " لقد أصبحت لعبة كرة القدم الأفيون الكاسح للأنظمة الديمقراطية " وهي عبارة للكاتب الكاتالوني مانوال فاسكاز مونتالبان  وردت في" لموند ديبلوماتيك " 1997في مقال دالٍّ بعنوانه الشَّرهِ " وهو " لعبة كرة القدم  ديانة لائكية تَبحث عن ربّ جديد " . إلى جانب أطروحة أخرى طريفة للمنظّر الألماني جيرهارت فيياني :  تقول " .. ان لعبة كرة القدم توفر فرصة تحرير الإنفعالات .النّشاط المزيف _الذي للكُرة يمكن له  أن يمتصّ  الطّاقات التى منْ شَأْنها أن تقْلب النّظام  الإجتماعي اُلْسائد (...)  الرّأسماليون اُلْانجليز قد شجّعوا هذه الرياضة الجديدةَ على أَمَل إبعاد العمّال  بتلهيتهم عن النشاط السياسي والنقابي "  إذن ما من  "لعب بريء " .  ولكلّ لعب تاريخه ومنعطفاته  واستثماراته المختلفة اذ " لاعبية اللعب " مرنة  وقابلة للتطويع  في الإتجاه الذي نريد .  تقول" الموسوعة  الحرة "  يعود تاريخ هذه اللعبة إلى أزيد من 2500 سنة قبل الميلاد، حيث مارسها الصينيون القدامى، وكانوا يقدمون الولائم للفريق الفائز ويجلدون الفريق المنهزم. وعرفها اليونانيون واليابانيون 600 سنة قبل الميلاد، والمصريون 300 سنة قبل الميلاد. إلا أن اللعبة، في شكلها الممارس اليوم، ظهرت بإنجلترا. ففي سنة 1016، وخلال احتفالهم بإجلاء الدنماركيين عن بلادهم، لعب الإنجليز الكرة فيما بينهم ببقايا جثت الدنماركيين، ولك أن تحزر أقرب أعضاء الجسم شبها بالكرة وأسهلها على التدحرج بين الأرجل، فمنعت ممارستها. وكانت هذه اللعبة تظهر وتنتشر، ثم تمنع بمراسيم مَلكية لأسباب متعددة، و وصل الأمر إلى حدّ المعاقبة على ممارستها  بالسّجن ..."
·  
"كرة القدم " بما هي لعبة جماعية و جماهيرية   هي حفلة و متعة من أكثر المتع  الفر جوية  المشهديّة    التى توفر للأرواح  والأنفس فرصة للانشراح  والانبساط و الطيران خارج  الأزمنة والأمكنة الجارحة ..   ويُسْمَحُ في زمن الاحتفال  ومكان  الاحتفال كما بين صاحب "كتاب الطوطم والحرام"  ببعض التطرف السلوكي  المنظم .. وما حركات  التّعري من اللباس  التي تقوم بها الجماهير  وبعض اللاّعبين  حين تسجيل هدف   الاّ رغبة لا واعية  في اُلالتحام  بالزمن الطفولي  الأسطوري الضائع .
·  
أن اللعبة  ذاتها ..قد تقع  كما هو واقع  في الإستثمار الماهر والماكر  من خارج المستطيل الأخضر .. بلغة أخرى كرة القدم  تدخّلٌ  "حاذق"  في السياسة بطرق أخرى  ..قد تكون أكثر خطريّة   على الوعي الجماعي  من حيث الطاقة على تزييفه  كما ورد في عنوان كتاب   كريستيان برومبرجار:" كرة القدم هي  العصا السحرية الأكثر جديّة في العالم" . كدت أن أنسى العنوان الفرعي لكتاب " الإله الكروي " . " الإله الكروي : أصوله . طقوسه   ورموزه " .
·  
يقتنص دين المدوّرة الدنيوي الكُروي .. من  الأساطير  ومن
" الديانات السماوية العليا " بنْيتها ...   و  وظائفها ... أو على أقل تقدير بعض  وظائفها كما  إثبات هوية الإنتساب   للفريق الوطني الواحد لكرة القدم   أو  بالإنتساب  الى فريق من الفرق العالمية  لكرة القدم . الإنتساب للجماعة  الكروية المحددة هو "أخوّة إختاريّة ".. خلافا للإخوّة العصبية  أقصد  أخوّة الدم . الايمان والانتساب الايماني لديانة من الديانات يتطلّب ضمْن ما يتطلب "الإخلاص"  و "الوفاء" و"التسليم "
و " الطّاعة" " وفق طقوس عُبور دقيقة وصَارمة  واُبتهالات وصلوات .. "للآلهة المُدَورة" في "مكة" المُستطيل الأخضر بلون الجنان المُتخيّلة ...  ومبايعته   بالحياة   أصلا .. أقصد الموت في سبيل هذا   المعبود المدور   أو ذاك.  لقد ورد في كتاب "الاله الكروي"  هذه العبارة   المكتنزة بكل معاني التطرّف والشّطط  في الغواية الكروية  . العبارة تعود الى السيد  بيل سانكلي تقول  العبارة الشهيرة  "  إنّ الطريقة التي يتكلم بها بعض الناس عن كرة  القدم توحي بأن نتيجة مقابلة من المقابلات هي  مسألة حياة أو موت . يا لكم يجانبون الصواب إذ   أنّ المسالة أكبر من ذلك ".  فهل ثمة  أبعد من الموت؟ لعل هذا المشغوف الرياضي "بلفربول" يعتقد أنه يوجد عرش "للإله الكروي" وأرجلهُ قد تعلّقت  بما وراء عرش هذا  السيّد" الربّ  المدوّر" .
لا فَرْق  أو يـكاد  بين " المؤمن الرّبَاني " و" المُؤمن  الكُروي _ الكُوراني ". ثمة بحث عن الارتواء الوجداني عند العاشق الكروي الى حد الهوس الجنوني    في هذه الطقوس . يبدو أن الإشباع  العاطفي والرّمزي ...  واٌلانتشاء بانتصار" الفريق المحبوب " أو" بانتصار الفريق الوطني" خاصة   من شأنه أن يعُود بنا سحريا  أجسادا وأرواحا .. إلى  أزمنة فرح  جماعي غامضة ... من شأنها   أن تعيد ما  تفكّك من عناصر هويتنا الفردية والجماعية بفعل الإحساس بالظلم والقهر الإجتماعي . لقد كتبت شخصيا رسالة إلى أصحاب السلطان " بعد متواليات  من الإعتداءات علي ّ  ورد فيها حرفيا " أعلمكم أني لم أعد وطنيا إلا مع الفريق الوطني لكرة القدم دائما ... والرأس أحيانا ... "
·  
يمكن للعبة كرة القدم أن تكون بحقّ " أفيون الشعوب "... أو " هي الحرب "  كما كتبت ذلك مجلة " مانيار دي فوار "  أو" هي ديانة جديدة " و"شرط أساس من شروط  امكان قيام دولة ما من الدول " .. كما يمكن لكرة القدم أن تكون " أوبيرا الشّعوب" على رأي فيليب فيلموس  كما يمكن أن تجمع كلّ المفارقات كأن تكون "حربا سلميّة" وفق عبارة أمبرتو ايكو
·  
المطلوب رأسا و أرجلا.. من كل  التونسيات والتونسييين  تعلــم فنونَ "التكوير " لإكتشاف كل فنون المراوغات.. وقواعد اللعبة تلافيا للتسلل واللعب في الوقت الضائع   في الانتخابات القادمة – مثلا _  لئلا يـُـكَــوَّر بهم  كَما كُـــوِّرَ بهم من قبل   وبالذّين من قبْلهـــم .  ليس صدفة أن يقال في الدعاء على الحمار  حين ايقافه عن النّهيق مثلا :
" اشْت كُورة "  " اشْت كورة تـَكوّرك " .  لقد أصبح الإستمثار في تصريف "البهامة  والغباء  والإستحمار  الفكري والعاطفي والسياسي باسم " البفّةِ " التسمية الأخرى للكرة زمن طفولتي في قصر_ قفصة   من أكبر الصفقات التي يديرها بحذق الرأسمال" الجبان" والجوّال  العَابر للقارات  زمن "الحضارة الرّحالة" ... اللاّعبة بشكلي الزّمان والمكان ... في اتجاه " العتمات الجديدة  والإبهام الجديد .. و  البَهامات الجديدة ...
·  
أيها" الإلهُ   الكُروي" . أيها   الإنسان   اللاّعِبُ ...  بالعقول  والتواريخ والجغرافيات المحلية و الكونية   أيها الإنسان  التّاعب   في     الحَضَارة   اُلْــكوّارَة   .  لقد  كان الشكل " الدائري " أكثر الأشكال " جاذبية وقداسة  بالنسبة للذهنيات البشرية   اذ هو شكل الحركة  المشار به الى الخلود والأبدية . يمضى الذين لا يحبون "اللعب"   أصلا .. ويفتى الذين "يفْنون" في حب  نجمة المستطيل الأخضر  .. . وتبقي الأرض  الدائرية تدور  و الكرة تدور كما سائر الأمور التافهة  والجدّية  ..  سلام سلام  و وردة  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث