jeudi 27 juin 2013

  اُلإقتْصاد  اُلْشَّهَــــــــــــــــــــــــوَيِ  من  منْظُور ديــــــــــــــــني
كتاب " التِّرْيــاق منْ اُلأوراق: معَرْفَة اُلْشيء خيُر  "



"مما ينبغي الاعتناء به علما ومعرفة وقصدا وإرادة العلم بأن كل إنسان بل كل حيوان إنما يسعى فيما يحصل له اللذة والنعيم وطيب العيش ويدفع به عنه أضداد ذلك وهذا مطلوب صحيح يتضمن ستة أمور  
أحدها معرفة   الشيء   النافع للعبد الملائم له الذي بحصوله لذّته وفرحه وسروره وطيب عيشه
 الثاني معرفة الطريق الموصلة إلى ذلك
 الثالث سلوك تلك الطريق
 الرابع معرفة الضار المؤذي المُنافر الذي ينكِّد عليه حياته
 الخامس معرفة الطريق التي إذا سلكها  أفضت به إلى ذلك
 السادس تجنُّب سلوكها
 فهذه ستة أمور لا تتم لذة العبد وسروره وفرحه وصلاح حاله إلا باستكمالها وما نقص منها عاد بسوء حاله وتنكيد حياته
 وكل عاقل يسعى في هذه الأمور لكن أكثر الناس غلط في تحصيل هذا المطلوب المحبوب النافع إما في عدم تصوره ومعرفته وإما في عدم معرفته الطريق الموصلة إليه فهذان غلطان سببهما الجهل ويتخلص منهما بالعلم
 وقد يحصل له العلم بالمطلوب والعلم بطريقه لكن في قلبه إرادات وشهوات تحول بينه وبين قصد هذا المطلوب النافع وسلوك طريقه فكلما أراد ذلك اعترضته تلك الشهوات والإرادات وحالت بينه وبينه وهو لا يمكنه تركها وتقديم هذا المطلوب عليها إلا بأحد أمرين
 إما حب متعلق وإما فراقٌ مُــزْعِجٌ
 فيكون الله ورسوله والدار الآخرة والجنة ونعيمها أحبُّ إليه من هذه الشهوات ويعلم أنه لا يمكنه الجمع بينهما فيؤثر أعلى المَحْبوبيْن على أدناهما وإما أن يحصل له علم ما يترتب على إيثار هذه الشَّهوات من المخاوف والآلام التي ألمها أشد ألم فوات هذه الشهوات وأبقى فإذا تمكن من قلبه هذان العلمان أنتجا له إيثار ما ينبغي إيثاره وتقديمه على ما سواه فإن خاصية العقل إيثار أعلى المحبوبين على أدناهما واحتمال أدنى المكروهين ليتخلص به من أعلاهما
 وبهذا الأصل تعرف عقول الناس وتميز بين العاقل وغيره ويظهر تفاوتهم في العقول فأين عقل من آثر لذة عاجلة منغصة منكدة إنما هي  كأضغاث أحلام أو كطيف يمتع به من زائره في المنام على لذة هي من أعظم اللذات وفرحة ومسرة هي من أعظم المسرات دائمة لا تزول ولا تفنى ولا تنقطع فباعها بهذه اللذة الفانية المضمحلة التي حشيت بالآلام وإنما حصلت بالآلام وعاقبتها الآلام فلو قايس العاقل بين لذتها وألمها ومضرتها ومنفعتها لاستحيا من نفسه وعقله كيف يسعى في طلبها ويضيع زمانه في اشتغاله بها فضلا عن إيثارها على ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر"


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث