mercredi 10 avril 2013

في الكشف عن القضاة ونوابهم وبيان ما يستحقه الخائن منهم



في الكشف عن القضاة ونوابهم
وبيان ما يستحقه الخائن منهم
v                       


( كتاب تحفة الترك ) للطرسوسي "القرن 8 هجري 14 م"
v                       
اعلم أني ما أفردت هذا  الفصل ، عن  الفصل الذي قبله ،  إلا   لفائدة . وهي أن الولاة تعلقهم بأموال بيت المال . واعتمادهم على أحكام السياسة . وكل واحد من هذين النوعين يحتاج إلى كثرة التعهد) فيه بالكشف . أما الأموال فالطمع فيها بالطبع . وأما السياسة فلعدم الضابط لها. فيكثر وقوع الخطأ منهم . وبسبب الطمع تقع الخيانة منهم في الأموال . فكانوا أهم من غيرهم . ولهذا أفردتهم بفصل على حدة . ولا كذلك أمر القضاة  ونوابهم . فإنه لا مال تحت أيديهم لبيت المال . ولا يجسر أحد منهم على الخروج عن مذهبه . فكان أمرهم أضبط . وإن كان يقع من بعضهم ، ممن يكون جاهلاً ، وقد ولي بالبرطيل في بعض الأوقات ، أخذ رشوة ، أو جهل الحكم ، أو ارتكاب لبعض المعاصي . ولكنه قليل بالنسبة إلى غيرهم . وها أنا  أذكر ما يجب على من يفعل ذلك منهم ، وما يستحقه من التأديب إن شاء الله تعالى والله المستعان قد قدمت في ولاية القاضي شروطاً ، إذا روعيت يحصل الأمن - إن شاء الله تعالى - من وقوع شيء من هذه القبائح ، من القاضي. وإن لم  يفعل ذلك فالتقصير  حينئذ من السلطان والإثم عليه وعلى القاضي ) ، لأن  السلطان إذا ولى أصلح الناس وأدينهم ممن اجتمعت الفقهاء على دينه وعقله . يبعد أن يقع منه شيء يوجب الإنكار عليه . وإذا ولي من هو بخلاف ذلك ،فالذنب له لا للقاضي ، والإثم عليهما . لأن من لا يصلح للقضاء ، لا يؤمن عليه من الوقوع في كل محظور وأن يتعدى إلى كل معصية وفساد . وهذا إنما يجيء من المبرطل. فالذي يبرطل على (القضاء ، يستحق عندي التعزير بالمال والضرب فينبغي للسلطان أن يعرف هذا الأمر ، ويجعله بين عينيه . ولا يقبل شفاعة أحد في من يطلب القضاء . ولا يخرج عما شرطته له في ولاية القضاء فإن أصحابنا قالوا"من طلب القضاء لا يولى ، لأن الخير في غيره " . ومن ولي بالرشوة لا تنفذ أحكامه. ولنرجع إلى الكلام  في هذا الفصل ، فنقول : ينبغي للسلطان أن يتخذ على القضاة عيناً في السر ، ثقة ديناً عفيفاً ،  أميناً قليل الكلام ، لا يؤبه له، ولا يدرون به أنه عين عليهم . بحيث يطلع السلطان في السر ، ساعة بساعة على أحوالهم ويكون السلطان في العلانية  ) معظماً للقضاة / ولا يظهر منه أنه يستكشف عنأحوالهم أبداً فإذا صح عنده  أنه وقع من أحدهم جريمة فإن كانت من أخذ رشوة ، أرسل إلى القاضي ، وطلبه  إليه سراً وسأله عن الواقعة فإن اعترف بذنبه ، أخذ  منه  الرشوة التي التمسها من الناس وردها إلى أصحابها وأدب الذي بذلها في السر . من غير أن يظهر له تأديبه عماذا وعزل القاضي وكشف عنه فإن وجده  التمس من الناس مالاً ، أو اكتسبه بالقضاء أخذه لبيت المال . كالهدية ونحوها وإن لم  يعترف القاضي ، وظهر للسلطان من قرائن الأحوال أو من صدق الناقل إليه ذلك عن القاضي ، عزل القاضي ولا يظهر بأي سبب عزله . وإن كانت الجريمة من غير أخذ الرشوة ولم يكن منأهل هذا القبيل ، وإنما كانت بسبب قوة نفسه ، وتحامله في الأحكام ، وهوى النفس ، فيجب على السلطان عزله ،  والاستبدال به. ولايغره كثرة علمه ولا ديانته في الظاهر . فإن التحامل من القاضي من أصعب الأمور . ومما يوجب فسقه وعزله . ولا يلتفت إلى انتصاره لحكمه ، بعد أن يعرف السلطان منه الهوى ، والغرض ، والتحامل . وله أن يعزِّره ويشّهره ويحبسه بسبب ذلك إذا  تحقق جوره ، كي يتأدب به غيره    وإن كانت الجريمة  بارتكاب بعض المعاصي ، كما اشتهر عن بعض قضاة الشام ، في زماننا ، من شرب الخمر وغيره ، سأل السلطان عن هذا الأمر ، من الثقات (. فإن صح عنده ذلك ، عزله وضربه  سراً ، وحبسه . ولا يشهر ذنبه بين الناس . وإن جمع القاضي مالاً من الحكومات ، أخذه السلطان منه ، ووضعه في بيت المال ، وعزله . وإن كان  هذا القاضي نائباً ، وقد قيل عنه شيء مما ذكرنا ، كشف عن  حال مستخلفه ،فإن تبين عند السلطان أنه كان يعلم به  ويستر عليه عزله أيضاً . وإن كان لا يعلم فهو بالخيار إن شاء عزله ، وإن شاء  تركه. وإذا صح عند السلطان ، أن القاضي ، جمع مالاً ، بعد توليه القضاء وقد كان فقيراً قبل التولية ، فينبغي أن يفحص عن ذلك الجمع . فإن كان من المنصب ، كما يأخذه بعض القضاة  الشافعية ، من قضاة البر ،من مال الأيتام ، أو الصدقات ، أو الأوقاف  فإن السلطان يأخذه منه ولا يترك في يده منه شيئا. ويضعه في بيت المال . وإن عرف أنه من مال الأيتام أو الأوقاف رده  على منأخذ منه. وإن كان من غير متعلقات المنصب ، بأن يكون اتجر أو ورث ، أو استفضل من معلوم مدارسه. وعندي ، أن ما يستفضله مما يرزق من بيت المال بعدكفايته ، يؤخذ منه ، ويرد  إلى بيت المال . لأنه قد أعطي أكثر من الكفاية . ومستحقه من بيت المال  ما يكفيه فإذا فضل عن الكفاية أخذ منه . لأنه لا يستحق إلا ما يكفيه  وإن كان للقاضي حاشية) وأولاد يتعرضون إلى أموال الناس  وتقع مصانعتهم كما وقع في زمن  الملك الناصر ابن قلاوون بمصر من  قاضييه الشافعي والحنفي و عزلهما بسبب أولادهما . فإن السلطان يجب  عليه عزله وأخذ ما حصله أولاده وحاشيته بجاه المنصب ويضعه في بيت المال . ويؤدبهم ويشهرهم ولا تأخذه رقة عليهم . ولا يقبل في القاضي  ولا في أولاده المذكورين شفاعة أحد . فإن ذنبهم كبير ، وفسادهم كثير "
__________

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث