vendredi 31 mai 2013

قلادةُ اُلثأر... و ردة الوَداع الكاتب الحر :سليم دولة


                                                                      
قلادةُ   اُلثأر... و ردة   الوَداع
الكاتب الحر :سليم دولة




الى أحمد حاذق العرف ثانية

... وأنا ارتِّب فوضى أوراقي عثرتُ على نصٍّ كانت " مجلة المغرب العربي "  قد شرَّفتني بنشره في العدد ( 211_ الجمعة 10 أوت 1990) وكنت قد أهديت المكتوب الى الصديق المتوغَّل أحمد حاذق العرف تكثيفا لذكرى أيام الجُوع والتشُّرد وهشاشة العواطف ورثاثة المعاطف في الوطن الجميل .. فأردت أن أعيد نشر هذا المكتوب الموسوم بعنوان تراثي " ما أجمل قرآن زبْراء و ما أضْيق أرْحَام اُلْقبيلة " : وهذا هو النص بنصِّه أرَدْتُه  وردة وداع  بينِي وبيْن قلمي في" جريدة المغرب "  :
توغَّل اللَّيْل في بعْضِهِ وأنَا أقلِّبُ اُلْاوْراقَ  اُلْقديمَة . تعبتُ . تسللت من " كهفي الأفلاطوني الرائع " ( الواقع بالطابق الثالث من شارع فرحات حشاد )..تسللت بي الى الشارع الرئيس أبحث لي عن صديق .. وأتفقد تمثال " الشيخ عبد الرحمان بن خلون "لأستمد منه بعض العزاء والعون على وحدتي" الجميلة "...تماما كما عادتي كلما أحسست أن هذه المدينة تسلخني .. وتتوغل في ايذاء أصْدقائي .. فيسْقط  هذا نهائيا ..ويترنَّح الآخر في منتصف الطريق .
لا صديقَ وجدْت ولا الشيخ تزحْزحَ عن مكانه ...وحده " المجاهد الأكْبر " بحصانه " ( الرُّخامي ) قد شملته حركة نقلة .كما كان يحلوا لأجدادي المعتزلة أن يقولوا ..
عدت الى الأوراق القديمة . قال الرَّاوي :" آنَ أوَانُ المُطارحَة مع الذَّاكِرَةِ ". قلت آن ...", قال : "
عن أشياخ من قبيلة قُضَاعَةَ كانت لهم ثلاثة أبْطُنٍ ( بُطُونٍ ) مُجْتَورينَ
( مُتَجَاورينَ ) وهم : بنو ناعِبَ وبنو داهنَ وبنو رئامٍ ..وكانت لبني رٍئام عجوز تسمى خُوَيْلَة  وكانت لها أمَةٌ  من مولدات العرب تُسمى زَبْراءْ .وكان يدخل على " خويلة " أربعون رجلا كلهم لها مُحْرمٌ  اذ هم بنو إخوة وبنو أخوات وكانت خويلة عقيما . وكان بنو داهن  متظاهرين على بني رئام فاجتمع بنو رئام ذات يوم في  عُرْس لهم  وهم سبعون رجلا كلهم شُجاع بَئيــــسٌ فطعموا وأقبلوا على شرابهم .وكانت زبراء كاهنة  .قالت زبراء لخويلة ( مولاتها ) :" انطلقي بنا إلى بني قومك أنْذرهم
( أحذِّرهُم ) ..فأقبلت خُويْلَةُ  تتوكأ على زبراء فلما أبصرها القوم قاموا إجلالا لها فقالت خويلة :
" يا ثمر الأكباد
ويا شجا الحساد
ويا أنداد الأولاد
هذه زبراء تخبركم عن أنباء قبل فوات الأوان .قبل انسياح الدم ..قبل انحسار الظلماء فاسمعوا ما تقول ." قالوا ما تقولين يا زبراء ؟
قالت :" واللوح الخاسق والليل الغاسق و الصباح الشارق أن شجر الوادي ليأدو ختلا وثكلا  لا تجدن له مهربا ومنفذا .." قال الراوي:" لقد وافقت ( وجدت ) زبراء قوما سكارى اذ قالوا لها مكذبين ( ما رأت في المنام ): ريح خجوج بعيدة الفروج
أتت زبراء بالأبلق النتوج ". فقالت زبراء :
" مهلا يا بني الأعزة . إني لأشم دفر ( عرق ) الرجال تحت الحديد " .فقال لها ( ساخرا) فتى منهم يقال له هذيل بن منقذ :" يا حذاق والله لا تشمين إلا ذفر ( رائحة ) ابطيكِ".
انصرفت زبراء عنهم وارتاب قوم منهم فانصرف منهم أربعون رجلا وبقي ثلاثون في مشربهم ( يسكرون ) فطرهم ( هجم عليهم  ) بنو داهن  وبنو ناعب فقتولوهم أجمعين .أقبلت خويلة مع الصباح فوقفت على مصارعهم ثم عمدت إلى أصابعهعم فقطعت منها الخناصر وانتظمت
( صنعت ) منها قِلاَدةً  وألقتَها على عُنقها وخرجت تطلب الثأر..

لم يدرك الراوي الصباح ولكنه قد كف عن " الكلام المباح " ..على ايقاع أسنان فريق وطني للفئران تقضم كتاب " الصلصلة في وصف الزلزلة "  للشيخ السيوطي طيب الله تراه بعد أن أتحفتني منذ مدة " بتصفح " كتاب " زهر العريش في تحريم الحشيش " .
اختفى صوت الراوي . ارتبكَ قلبي في صدري خوفا على كُتبي وارتبكت الأوراقُ القديمة بين يدي . قلبت الورقة من كتاب " الأمالي " لأبي على القالي حفظ الله سره وجدتُ العرب تقول :
"الأعْذبان :النكاح والأكل "
والأحْمران : اللَّحم والخمْر
والأجْوفان : الفَم والفَرج .."
قلت ( لي ) ما أجْمل " قرآن زبْراء ومَا أضْيق أرْحَام القبيلة .
سلمتني للنوم واذا بصوت يردد :"
" ذرهم يأكلوا ويتمتَّعوا ويلهيهم الأمل "
فقلت ( لي ) : يا أمل .ما أشبه الليلة بالبارجة . قال عبد الرحمان ( بن خلدون إن البدو إذا وسِّعَ لهُم أسرفوا " قلت ( لي ) : إن العرب يُضَيَّق عليهم ويسْرفُون . وداعا .

وداعا .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

محرك البحث